واختلافهم على أنبيائهم ـ فأنزل الله : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ـ لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ » إلى آخر الآية.
أقول : وروي القصة عن أبي هريرة وأبي أمامة وغيرهما عدة من الرواة ، ورويت في المجمع وغيره من كتب الخاصة ، وهي تنطبق على ما قدمناه في البيان المتقدم.
وفيه ، أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي : في قوله تعالى : « (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ) ، الآية » قال : غضب رسول الله صلىاللهعليهوآله يوما من الأيام ـ فقام خطيبا فقال : سلوني ـ فإنكم لا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم به ـ فقام إليه رجل من قريش من بني سهم ـ يقال له : عبد الله بن حذاقة ـ وكان يطعن فيه ـ فقال : يا رسول الله من أبي؟ فقال : أبوك فلان ـ فدعاه لأبيه فقام إليه عمر فقبل رجله ـ وقال : يا رسول الله رضينا بالله ربا ولك نبيا ـ وبالقرآن إماما فاعف عنا عفا الله عنك ـ فلم يزل به حتى رضي فيومئذ قال : الولد للفراش وللعاهر الحجر ، وأنزل عليه : « قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ».
أقول : والرواية مروية بعدة طرق على اختلاف في متونها ، وقد عرفت فيما تقدم أنها غير قابلة الانطباق على الآية.
وفيه ، أيضا : أخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن ثعلبة الخشني قال : فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الله حد حدودا فلا تعتدوها ، وفرض لكم فرائض فلا تضيعوها ، وحرم أشياء فلا تنتهكوها ، وترك أشياء في غير نسيان ولكن رحمة منه لكم ـ فاقبلوها ولا تبحثوا عنها.
وفي المجمع ، والصافي ، عن علي عليهالسلام قال : إن الله افترض عليكم فرائض فلا تضيعوها ـ وحد لكم حدودا فلا تعتدوها ، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت لكم عن أشياء ـ ولم يدعها نسيانا فلا تتكلفوها.
وفي الكافي ، بإسناده عن أبي الجارود قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : إذا حدثتكم بشيء فاسألوني عنه من كتاب الله ـ ، ثم قال في بعض حديثه : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله نهى عن القيل والقال ، وفساد المال ، وكثرة السؤال ـ فقيل له : يا بن رسول الله أين هذا من كتاب الله؟ قال : إن الله عز وجل يقول : « (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ ـ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) ـ وقال : « وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ ـ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً » ـ وقال : « لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ».