وأن الذي في يوم القيامة هو الإعطاء الكامل ، وهو استدلال حسن ، والزحزحة هو الإبعاد ، وأصله تكرار الجذب بعجلة ، والفوز الظفر بالبغية ، والغرور مصدر غر أو هو جمع غار.
قوله تعالى : « لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ » الآية ، الإبلاء الاختبار ، بعد ما ذكر سبحانه جريان البلاء والإبلاء على المؤمنين ، ثم ذكر قول اليهود وهو مما من شأنه أن يوهن عزم المؤمنين أخبرهم بأن هذا الإبلاء الإلهي والأقاويل المؤذية من أهل الكتاب والمشركين ستتكرر على المؤمنين ، ويكثر استقبالها إياهم وقرعها سمعهم فعليهم أن يصبروا ويتقوا حتى يعصمهم ربهم من الزلل والفشل ، ويكونوا أرباب عزم وإرادة ، وهذا إخبار قبل الوقوع ليستعدوا لذلك استعدادهم ، ويوطنوا عليه أنفسهم.
وقد وضع في قوله : ( وَلَتَسْمَعُنَ ) إلى قوله : ( أَذىً كَثِيراً ) ، الأذى الكثير موضع القول وهو من قبيل وضع الأثر موضع المؤثر مجازا.
قوله تعالى : « وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ » ، النبذ الطرح ، ونبذه وراء ظهره كالمثل يراد به الترك وعدم الاعتناء كما أن قولهم : جعله نصب عينيه كالمثل يراد به الأخذ واللزوم.
قوله تعالى : « ( لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا ) إلى آخر الآيتين ، أي بما أنعم عليهم من المال ولازمه حب المال والبخل به ، والمفازة النجاة وإنما هلك هؤلاء لأن قلوبهم تعلقت بالباطل فلا ولاية للحق عليهم.
ثم ذكر تعالى حديث ملكه للسماوات والأرض ، وقدرته على كل شيء ، وهذان الوصفان يصلحان لتعليل مضامين جميع ما تقدم من الآيات.
(بحث روائي)
في الدر المنثور ، أخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة: في قوله : ( لَقَدْ سَمِعَ اللهُ ) الآية ، قال : ذكر لنا أنها نزلت في حيي بن أخطب لما نزل : ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً ـ فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً ) ، قال : يستقرضنا ربنا إنما يستقرض الفقير الغني.