وَأَجْراً عَظِيماً ) : « الفتح : ٢٩ » ، وهو تأول بما يدفعه السياق.
ويتبين أيضا أن ما يمدحهم به الله سبحانه في قوله : ( الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ ) إلى آخر الآيات من قبيل وصف البعض المنسوب إلى الكل بعناية لفظية.
قوله تعالى : « الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ » الآية ، الناس هو الأفراد من الإنسان من حيث عدم أخذ ما يتميز به بعضهم من بعض ، والناس الأول غير الثاني ، فإن الثاني هو العدو الذي كان يجمع الجموع ، وأما الأول فهم الخاذلون المثبطون الذين كانوا يقولون ما يقولون ليخذلوا المؤمنين عن الخروج إلى قتال المشركين ، فالناس الثاني أريد به المشركون ، والناس الأول أيديهم على المؤمنين وعيونهم فيهم ، وظاهر الآية كونهم عدة وجماعة لا واحدا ، وهذا يؤيد كون الآيات نازلة في قصة خروج النبي صلىاللهعليهوآله فيمن بقي من أصحابه بعد أحد في أثر المشركين دون قصة بدر الصغرى ، وسيجيء القصتان في البحث الروائي الآتي.
وقوله : ( قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ) ، أي جمعوا جموعهم لقتالكم ثانيا ( والله أعلم ).
وقوله : ( فَزادَهُمْ إِيماناً ) ، وذلك لما في طبع الإنسان أنه إذا نهي عما يريده ويعزم عليه ، فإن لم يحسن الظن بمن ينهاه كان ذلك إغراء فأوجب انتباه قواه واشتدت بذلك عزيمته ، وكلما أصر عليه بالمنع أصر على المضي على ما يريده ويقصده ، وهذا إذا كان الممنوع يرى نفسه محقا معذورا في فعاله أشد تأثيرا من غيره ، ولذا كان المؤمنون كلما لامهم في أمر الله لائم أو منعهم مانع زادوا قوة في إيمانهم وشدة في عزمهم وبأسهم.
ويمكن أن يكون زيادة إيمانهم لتأييد أمثال هذه الأخبار ما عندهم من خبر الوحي أنهم سيؤذون في جنب الله حتى يتم أمرهم بإذن الله وقد وعدهم النصر ولا يكون نصر إلا في نزال وقتال.
وقوله : ( وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) أي كافينا الله وأصل الحسب من الحساب لأن الكفاية بحساب الحاجة ، وهذا اكتفاء بالله بحسب الإيمان دون الأسباب الخارجية الجارية في السنة الإلهية والوكيل هو الذي يدبر الأمر عن الإنسان ، فمضمون الآية يرجع إلى معنى قوله : « وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ » الطلاق ـ ٣ ، ولذلك عقب قوله : ( وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) بقوله : ( فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ