ولازم ذلك أن ينطبق من أجمل ذكره من الوراث والمورثين على من ذكر منهم تفصيلا في آيات الإرث ، فالمراد بالموالي جميع من ذكر وارثا فيها من الأولاد والأبوين والإخوة والأخوات وغيرهم.
والمراد بالأصناف الثلاث المذكورين في الآية بقوله : ( الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ ) الأصناف المذكورة في آيات الإرث ، وهم ثلاثة : الوالدان والأقربون والزوجان فينطبق قوله : ( الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ ) على الزوج والزوجة.
فقوله : « وَلِكُلٍّ » أي ولكل واحد منكم ذكرا أو أنثى ، جعلنا موالي أي أولياء في الوراثة يرثون ما تركتم من المال ، وقوله ( مِمَّا تَرَكَ ) ، من فيه للابتداء متعلق بالموالي كأن الولاية نشأت من المال ، أو متعلق بمحذوف أي يرثون أو يؤتون مما ترك ، وما ترك هو المال الذي تركه الميت المورث الذي هو الوالدان والأقربون نسبا والزوج والزوجة.
وإطلاق « الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ » على الزوج والزوجة إطلاق كنائي فقد كان دأبهم في المعاقدات والمعاهدات أن يصافحوا فكأن أيمانهم التي يصافحون بها هي التي عقدت العقود ، وأبرمت العهود فالمراد : الذين أوجدتم بالعقد سببية الازدواج بينكم وبينهم.
وقوله : « فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ » الضمير للموالي ، والمراد بالنصيب ما بين في آيات الإرث ، والفاء للتفريع ، والجملة متفرعة على قوله تعالى : ( وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ ) ، ثم أكد حكمه بإيتاء نصيبهم بقوله : ( إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ).
وهذا الذي ذكرناه من معنى الآية أقرب المعاني التي ذكروها في تفسيرها ، وربما ذكروا أن المراد بالموالي العصبة دون الورثة الذين هم أولى بالميراث ، ولا دليل عليه من جهة اللفظ بخلاف الورثة.
وربما قيل : إن « من » في قوله ( مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ ) ، بيانية والمراد بما الورثة الأولياء ، والمعنى : ولكل منكم جعلنا أولياء ، يرثونه وهم الذين تركهم وخلفهم الوالدان والأقربون.
وربما قيل : إن المراد بـ ( الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ ) الحلفاء ، فقد كان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل فيقول : دمي دمك ، وحربي حربك ، وسلمي سلمك ، وترثني وأرثك ، وتعقل عني وأعقل عنك ، فيكون للحليف السدس من مال الحليف.