( يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً ) : « النساء : ٢٨ » فإن تحريم هذه الأصناف الأربعة عشر من الله سبحانه تحريما باتا يرفع عن كاهل الإنسان ثقل الصبر على هواهن والميل إليهن والنيل منهن على إمكان من الأمر ، وقد خلق الإنسان ضعيفا في قبال الميول النفسانية ، والدواعي الشهوانية ، وقد قال تعالى : ( إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ) : « يوسف : ٢٨ » فإن من أمر الصبر أن يعيش الإنسان مع واحدة أو أكثر من النساء الأجنبيات ، ويصاحبهن في الخلوة والجلوة ، ويتصل بهن ليلا ونهارا ويمتلئ سمعه وبصره من لطيف إشاراتهن وحلو حركاتهن حينا بعد حين ثم يصبر على ما يوسوسه نفسه في أمرهن ولا يجيبها في ما تتوق إليه ، والحاجة إحدى الحاجتين الغذاء والنكاح ، وما سواهما فضل يعود إليهما ، وكأنه هو الذي
أشار إليه صلىاللهعليهوآله بقوله : « من تزوج أحرز نصف دينه ـ فليتق الله في النصف الآخر » (١).
* * *
( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً ـ ٢٩. وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً ـ ٣٠. )
(بيان)
في الآية شبه اتصال بما سبقتها حيث إنها تتضمن النهي عن أكل المال بالباطل وكانت الآيات السابقة متضمنة للنهي عن أكل مهور النساء بالعضل والتعدي ففي الآية انتقال من الخصوص إلى العموم.
قوله تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ » إلى قوله : « مِنْكُمْ »
__________________
(١) مروية في نكاح الوسائل.