يقولوا بحجية القراءة الشاذة كما لا يلزمهم القول بوقوع النسخ ، وإنما يستفيدون من الجميع من جهة الدلالة على أن هؤلاء القراء والرواة كانوا يرون دلالة الآية على نكاح المتعة.
وأما قوله : لا سيما إذا كان النظم والأسلوب يأباه كما هنا ، فكلامه يعطي أنه جعل المراد من المسافحة مجرد سفح الماء وصبه ـ أخذا بالأصل اللغوي المشتق منه ـ ثم جعله أمرا منوطا بالقصد ، ولزمه أن الازدواج الموقت بقصد قضاء الشهوة وصب الماء سفاح لا نكاح ، وقد غفل عن أن الأصل اللغوي في النكاح أيضا هو الوقاع ، ففي لسان العرب : قال الأزهري : أصل النكاح في كلام العرب الوطء ولازم ما سلكه أن يكون النكاح أيضا سفاحا ، ويختل به المقابلة بين النكاح والسفاح.
على أن لازم القول بأن قصد صب الماء يجعل الازدواج الموقت سفاحا أن يكون النكاح الدائم بقصد قضاء الشهوة وصب الماء سفاحا ، وهل يرضى رجل مسلم أن يفتي بذلك؟ فإن قال : بين النكاح الدائم والمؤجل في ذلك فرق ، فإن النكاح الدائم موضوع بطبعه على قصد الإحصان بالازدواج وإيجاد النسل ، وتشكيل البيت بخلاف النكاح المؤجل. فهذا منه مكابرة ، فإن جميع ما يترتب على النكاح الدائم من الفوائد كصون النفس عن الزنا ، والتوقي عن اختلال الأنساب ، وإيجاد النسل والولد ، وتأسيس البيت يمكن أن يترتب على النكاح المؤجل ، ويختص بأن فيه نوع تسهيل وتخفيف على هذه الأمة ، يصون به نفسه من لا يقدر على النكاح الدائم لفقره أو لعدم قدرته على نفقة الزوجة ، أو لغربة ، أو لعوامل مختلفة أخر تمنعه عن النكاح الدائم.
وكذا كل ما يترتب على النكاح المؤجل ـ مما عده ملاكا للسفاح ـ كقصد صب الماء وقضاء الشهوة فإنه جائز الترتب على النكاح الدائم ، ودعوى أن النكاح الدائم بالطبع موضوع للفوائد السابقة ، ونكاح المتعة موضوع بالطبع لهذه المضار اللاحقة ـ على أن تكون مضارا ـ دعوى واضحة الفساد.
وإن قال : إن نكاح المتعة لما كان سفاحا كان زنا يقابل النكاح رد عليه : بأن السفاح الذي فسره بصب الماء أعم من الزنا ، وربما شمل النكاح الدائم ولا سيما إذا كان بقصد صب الماء.
وأما قوله : فإن كان هناك نوع ما من إحصان نفسه إلخ ، فمن عجيب الكلام ،