أموالهم وهو لا يلائم التفصيل بين الغني والفقير.
وأما قوله تعالى : « فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ » فتشريع للاستشهاد عند الدفع تحكيما للأمر ورفعا لغائلة الخلاف والنزاع فمن الممكن أن يدعي اليتيم بعد الرشد وأخذ المال من الولي عليه ، ثم ذيل الجميع بقوله تعالى : ( وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً ) ربطا للحكم بمنشئه الأصلي الأولي أعني محتد كل حكم من أسمائه وصفاته تعالى فإنه تعالى لما كان حسيبا لم يكن ليخلي أحكام عباده من غير حساب دقيق وهو تشريعه المحكم ، وتتميما للتربية الدينية الإسلامية فإن الإسلام يأخذ في تربية الناس على أساس التوحيد إذ الإشهاد وإن كان رافعا غالبا للخلاف والنزاع لكن ربما تخلف عنه لانحراف من الشهود في عدالتهم أو غير ذلك من متفرقات العوامل لكن السبب المعنوي العالي القوي هو تقوى الله الذي كفى به حسيبا فلو جعل الولي والشهود واليتيم الذي دفع إليه المال هذا المعنى نصب أعينهم لم يقع هناك اختلاف ولا نزاع البتة.
فانظر إلى الآيتين كيف أبدعتا في البيان فقد بينتا أولا رءوس مسائل الولاية على أموال اليتامى والمحجور عليهم ومهماتها : من كيفية الأخذ والحفظ والإنماء والتصرف والرد ووقت الأخذ والدفع وتحكيم مبناه ببيان وجه المصلحة العامة في ذلك كله وهو أن المال لله جعله قياما للإنسان على ما تقدم بيانه.
وثانيا الأصل الأخلاقي الذي يربي الإنسان على وفق هذه الشرائع وهو الذي ذكره تعالى بقوله : ( وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً ).
وثالثا ببناء الجميع على أصل التوحيد الحاكم بوحدته في جميع الأحكام العملية والأخلاقية والباقي على حسن تأثيره في جميع الموارد لو فرض ضعف الأحكام العملية والدستورات الأخلاقية من حيث الأثر ، وهو الذي ذكره بقوله : ( وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً ).
(بحث روائي)
في الدر المنثور ، في قوله تعالى : ( وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ ) الآية ـ أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : إن رجلا من غطفان ـ كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم ـ فلما بلغ اليتيم طلب ماله فمنعه عنه ـ فخاصمه إلى النبي صلىاللهعليهوآله فنزلت الآية : ( وَآتُوا الْيَتامى