وقال سبحانه : ( وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ) (١).
ولم يقل أحد من الفقهاء بلزوم ، ووجوب الكتابة عند حصول المداينة بين الاشخاص ، أو حصول معاملة بيعية ، بل ترك ذلك إلى الاطراف التي تتبايع ، أو تتداين ، أو الأولياء ، والأوصياء عند تسليم أموال اليتامى إليهم ، فإن شاؤوا أخذ الحيطة لانفسهم فهو ما يريده الشارع المقدس لهم من الارفاق وحسم مادة النزاع ، وإن أبوا إلا أن تسير أمثال هذه الامور إعتماداً على الثقة المتبادلة بين الطرفين من دون كتابة أو إشهاد كان ذلك من تبعات مسؤولياتهم الشخصية ، والانتظار لكل ما تفرضه الظروف المعاكسة في بعض الاحيان.
إن عملية الإِشهاد في هذه الموارد هي عملية طبيعية تفرضها ظروف المجتمعات العامة ، وتقتضيها طبيعة الإِنسان في هذه الحياة تماماً كما يحمل الإِنسان السلاح تجنباً لما قد يلاقيه من أخطار ، ومخاوف.
وأخيراً تختم الآية الكريمة الأمر الاحتياطي بضرورة الإِشهاد على عملية تسليم أموال اليتامى من قبل الاولياء ، أو الاوصياء بقوله تعالى :
( وَكَفَىٰ بِاللهِ حَسِيبًا ).
ورقيباً عليكم في أعمالكم ليحافظ كل فرد على ما هو مقرر في حقه ، فكما كان التشريع يقف في جانب اليتيم يحذر الآخرين مغبة التجاوز عليه ، ويشوقهم إلى مساعدته ، والأخذ بيده ، كذلك حذره من التطاول على من رعاه ، وسهر على شؤونه وهو الولي ، أو الوصي فلا يحسن به أن يعامله المعاملة السيئة فيرميه بالاختلاس ، والتقصير في الوقت الذي يكون بعيداً عن كل ذلك ، فإن الله ليس بغافل عن حساب الجميع ، وكفى به حسيباً ، ورقيباً في كل صغيرة ، وكبيرة ، وهو المطلع على السرائر ، ولا تخفى عليه خافية سواءً من جانب الاولياء في دور
__________________
(١) سورة البقرة : آية (٢٨١).