الأول : ان نفس مقابله الآية الثانية بالأولى يعطينا إعتبار الفيء في الثانية مأخوذاً بعد الحرب ، والقتال لأن موضوعها كما هو صريحها المأخوذ بغير قتال ، فطبيعي أن الثانية تكون قد وردت لبيان حكم ما أخذ بعد الحرب ، والقتال.
الدليل الثاني : ما جاء عن الامام الباقر (ع) في الخبر الصحيح قوله :
« الفيء : والانفال ما كان من أرضٍ لم يكن فيها هراقة الدماء وقوم صولحوا ، وأعطوا بأيديهم ، وما كان من أرضٍ خربة أو بطون ، أودية فهو كله من الفيء فهذا لله ، ولرسوله وأما قوله : ( مَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ ).
فهذا بمنزلة المغنم كان أبي يقول ذلك ، وليس لنا فيه غير سهمين سهم الرسول ، وسهم القربى ، ثم نحن شركاء الناس فيما بقي (١).
ولا يخفى الفرق بين هذين القولين :
أما القول الأول : فحيث كان المراد من الفيئين في الآيتين واحداً فمعناه : أن ما يتركه الكفار ، وما يؤخذ منهم كله لرسول الله ، وشركائه الذين ذكرتهم الآية الثانية.
وأما القول الثاني : فانه يعطي الفيء موضوع الآية الأولى الذي لم يؤخذ بقتال كله لرسول الله (ص) فالمال كله له يصنع به ما يشاء.
أما الفيء الذي يؤخذ بالقتال ، والغلبة ، فان لرسول الله وشركائه
__________________
(١) لاحظ للخبر المذكور وسائل الشيعة حديث (١٢) من الباب (١) من الأنفال وهذا القول الثاني ذهب إليه سيدنا الاستاذ الإِمام السيد الخوئي. ( دام ظله ) لاحظ مستند العروة الوثقى / كتاب الخمس ( ٣٥٠ ـ ٣٥٣ ) ه لزيادة التوضيح.