والحرب في أزقّة المدينة لا يشبع حماسهم ... وكيف ينعمون بحرب تشارك فيها النسوة والأطفال. هتف شاب لم يحضر بدراً يتمنّاها منذ عام :
ـ ماذا ستتحدّث العرب .. جبنّا عن اللقاء وقريش تشنّ علينا الغارات.
هتف آخر :
ـ اخرج بنا يا رسول الله إلى أعدائنا .. حتى لا يزدادوا جرأة.
ساد الحماس وبلغ ذروته ، وضاع صوت العقل. وعندما ينفلت زمام العاطفة تصبح فرساً جموحاً لا تصغي لأحد ولا يقف في طريقها شيء.
هبّت العاصفة لا يعتورها أحد ، وأضحى من الحكمة مماشاتها وتوجيهها ، والحدّ من عنفها.
انتبه بعضهم وقد تأثر لمنظر النبيّ يعدّل درعه ، عرضوا عليه القبول برأيه والبقاء في المدينة ، فقال بحزم :
ـ ما ينبغي لنبيّ لبس لامته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوّه.
وأردف ليحكم قبضته على العاصفة :
ـ عليكم بتقوى الله والصبر عند البأس وانظروا ما آمركم فافعلوا.