الفينة والاخرى كان
يتوقّف ليدقق في أثر بعير أو فرس ، أو يفتت بعرة يبحث فيها عن أثر لغريم يترصّده.
ينتظر لحظة الثأر المقدّس ولكن لا شيء ، الصحراء غامضة غموض البحر والرمال هي هي
بتموجاتها والسماء تزدحم بغيوم رمادية تمرّ فوق الرمال كسفن تائهة.
كانت القافلة تتقدّم من آبار بدر ، وقد
عصف القلق بأبي سفيان وأطلّ الرعب من عينيه يخشى أن يسقط في قبضة محمّد عدوّه
اللدود.
سأل أبو سفيان اعرابياً قرب الماء عن
خبر محمّد ، أجاب الاعرابي :
ـ لم أر أثراً لما تقول ، ولكني رأيت
رجلين يستقيان في الصباح.
ـ وأين مناخهما.
ـ هناك فوق ذلك التلّ.
أسرع أبو سفيان إلى حيث أشار الاعرابي.
ـ نعم هذا مناخ إبل ..
وحانت منه التفاتة فرأى بعرة فالتقطها
كما يلتقط المرء جوهرة نادرة ، فركها بكفيه فظهرت نواة تمر ، صرخ أبو سفيان
مرعوباً :
ـ هذه واللات علائف يثرب.
أسرع أبو سفيان الى مناخ قافلته فحثّ
رجاله على اثارتها والاتجاه بها نحو ساحل البحر الأحمر ، غدرت القافلة تاركة « بدر
» الى شمالها ممعنة بالفرار ، وهكذا أفلت أبو سفيان ولو إلى حين.