أوكارها والطيور إلى أعشاشها والأطفال إلى أحضان زاخرة بالدفء.
وفي ساعة الغروب تتجمع الدموع في عيون اليتامى كسماوات مشحونة بالمطر ... يتجمّع البكاء في القلب .. والمرارة في النفس .. فكيف اذا اجتمعت مع الجوع ... وهل تتحمل نفوس الأطفال البرد والجوع ..
نادى اليتيم في لحظة الغروب الحزين :
ـ أطعموني ... مما أطعمكم الله.
هناك في أعماق النفوس البيضاء كنوز من اللذّة أين منها لذائذ البطن ... فكيف مع نفوس براها الجوع والنذر حتى عادت شفافة كالضياء ساطعة كالنور ...
لبّى الصائمون نداء اليتيم .. فباتوا ليلتهم يطوون رحلة مضنية تكاد تمزّق الجسد وتحيله إلى حطام .. حيث يشهد عالم الانسان اللانهائي انتصار الملائكة وهزيمة الشيطان .. إلى الأبد.
السماء تراقب نفوساً في الأرض تطوي مسافات الجوع وفاءً لنذرها.
وفي اليوم الثالث مرّ أسير ينشد لقمة خبز أو تميرات.
الأجساد ترتعش أمام أمواج الجوع .. العيون غائمة ... والوجود يغمره ضباب ودخان ورياحين النبوّات تهتزّ .. تذبل أو تكاد ، والنفوس تشتدّ نصوعاً والورود تضوّعاً.