أصحابه فبدا كقمر وسط النجوم ، والزمن نهر يتدفق .. تتدافع قطراته بانتظام .. أو وحى كبيرة تدور وتدور ، تهب السنين لمن يشاء ومن لا يشاء. تفتح عيون الاطفال وتغمض عيوناً متغضنة الأجفان ، تشدّ أعواد الشباب وتقوّس قامات الكهول ، فالجميع الى زوال ويبقى وجه الله .. الله وحده.
دخل المسجد شيخ عصف به الزمان. نحت وجهه ومزّق ثيابه ، يدبّ على الأرض دبيب نملة تبحث عن رزقها في يوم بارد.
هتف الشيخ وهو يتطلّع الى النبيّ كأنما يتطلّع إلى شمس تهب النور والدفء :
ـ يانبي الله أنا جائع .. عريان .. اشبعني واكسني.
أجاب النبيّ وقلبه يذوب تأثّراً :
ـ ما أجد لك شيئاً .. ولكن الدالّ على الخير كفاعله .. انطلق الى من يحب الله ورسوله ، ويحبّه الله رسوله ، يؤثر الله على نفسه .. انطلق الى فاطمة ..
التفت النبيّ الى بلال :
ـ قم يابلال .. فخذه الى منزل فاطمة.
وقف الشيخ عل باب يغضى الى عالم من أمل .. عالم يهب الخير للجياع.