وبدت يثرب في أرض الله الواسعة سراجاً في مهب إعصار فيه نار أو قارباً صغيراً وسط الأمواج العاتية ، والنبيّ والذين آمنوا يقاومون المدّ الجاهلي ويحبطون مؤامرات يهودية ... واليهود عجنوا بالغدر وتشرّبوا تعاليم التلمود ... نبذوا التوراة بعيداً الاّ ما حرّفوه عن مواضعه ، يبنون حصونهم وقلاعهم ، وظنوا انهم مانعتهم حصونهم. يخفون وراءها حقداً دفيناً للانسان تناقلته أجيالهم منذ السبي البابلي وإلى ان يقضي الله أمراً كان مفعولا. يباهون الامم بموسى بن عمران وقد عشعش قارون في نفوسهم. ترنّ في أعماقهم خشخشة الذهب والفضة ، فتوارثوا عجلاً صنعوه منذ أن سوّل لهم السامريّ ، وظلوا عاكفين عليه حتى اذا نصحهم هارون كادوا ان يفتكوا به ، أداروا ظهرهم للذي أنجاهم من البحر وعكفوا على عجل له خوار.
كان موسى غاضباً وهو يلقي الألواح .. ويأخذ بمخانق أخيه. هتف هارون :
ـ انّهم استضعفوني وكادوا يقتلونني.
واتجهت الأبصار الى السامري. كاد موسى يبطش به :
ـ فما خطبك يا سامري؟
ـ لا شيء .. لقد رأيت أثر الملاك .. وكذلك سوّلت لي نفسي.
ومضى السامري في التيه ... يشدّ عباءته الى كتفيه يعتصر وجهه