وأما ما قيل من عدم الحاجة الى الخبر وان « الا الله » مبتدأ وخبره « لا اله » اذ كان اصل الله اله ، فلما اريد الحصر زيد لا والا ، ومعناه الله معبود بالحق لا غيره.
ففيه انه مع كونه مخالفا لما عليه النحاة من وجوب تقدير الخبر ، يرد عليه ان الاعتراض باق على حاله ، اذ لا معنى لرفع ذات الاله ، بل لا بد من نفي وجوده او امكانه.
ومنهم من قال : ان هذه الكلمة نقلت شرعا الى نفي الامكان والوجود عن اله سوى الله ، مع الدلالة على وجوده تعالى ، وان لم يدل عليه لغة.
وفيه ان هذه الكلمة مشهورة بكلمة التوحيد ، فمن قالها فهو موحد ، وان لم يعلم او يثبت عنده الحقائق الشرعية ، وكذا تقدير مستحق للعبادة لا يدل على نفي التعدد مطلقا ، بل على نفي المستحق فقط.
والصوفية لما رأوا دلالتها مفهوما على وجود غيره تعالى وراموا التفصي عنه اولوها بحمل كلمة « الا » على معنى الغير ، وجعلوها بدلاً عن محل اله المنفي ، فصار المعنى : انتفى غيره تعالى مطلقا لا في صفة الالوهية.
وهذا هو التوحيد العامي الذي هو نفي الشرك الاعظم الجلي ، المثبت بالدليل المعقول والمنقول ، قالوا : والمناقشة بأنه لا يلزم من انتفاء غيره ثبوته ، مندفعة ؛ اذ لا شك في وجود موجود ما.
وما ذهب اليه السوفسطائية ، من انه لا موجود في الحقيقة ، بل هو خيال ووهم. فهو خيال موهوم ، وامر بطلانه معلوم.
وأنت وكل من له ادنى بصيرة اذا صرف بصيرته نحو هذا الكلام يعرف ان الغرض منه نفي الوهية ما سوى الله واثبات الوهيته ، لا نفي ما سواه بالكلية واثبات وجوده فقط.
وهل يليق بالحكيم العليم ان يقول في كتابه العزيز الى رسوله الكريم