وبالجملة المراد بالموحد الذي لا يعذب بالنار اذا كان محسناً ، بأن يكون توحيده يحجزه عما حرم الله ، وهو علامة اخلاصه ، او يدخل الجنة ولو بعد تعذيب برزخي اذا كان مسيئاً ، هو من كان موالياً ثم مات على ذلك ، والا فتسلب عنه فوائد لا اله الا الله.
فالاخبار المطلقة الواردة في هذا الباب ، كقوله ـ صلى الله عليه وآله : من مات ولم يشرك بالله شيئا احسن او اساء دخل الجنة. (١) وقول الصادق ـ عليه السلام : ان الله حرم اجساد الموحدين على النار. (٢) وما شاكل ذلك مقيدة بما ذكرنا. فلا اشكال ولا تدافع.
ثم لما كان مبدأ الكمالات وجوب الوجود ، كما ان منشأ النقائص امكان الوجود ، فالمعبود بالحق هو الذي ثبت له وجوب الوجود وانتفى عنه الامكان.
فمعنى « لا اله الا انت » لا واجب الوجود الا انت ، فحينئذ يصح تقدير الممكن والموجود في خبر « لا » النافية للجنس.
اما الاول ، فلان مفهومه ان الله يمكن ان يكون واجب الوجود ، فحينئذ يندفع فساده المشهور ، وهو ان اللازم امكان وجوده تعالى لا ثبوت وجوده ، فلا يتم التوحيد ، بأن ما يمكن ان يكون واجب الوجود ، فهو واجب الوجود ، والا يكون : اما ممتنع الوجود او ممكنه ، وعلى التقديرين لا يكون واجب الوجود ، والا لزم الانقلاب.
وأما الثاني ، فلان فساده وهو ان اللازم نفي وجود الشريك لا نفي امكانه ، مندفع بأن نفي وجوب الوجود عما سواه يستلزم نفي امكان وجوب الوجود ايضا ، والا لثبت له نقيضه ، وهو امكان وجوب الوجود ، فيثبت له وجوب الوجود كما سبق ، هذا خلف.
____________
(١) التوحيد : ٣٠ ح ٣٢.
(٢) التوحيد : ٢٠ ح ٧.