|
وتأتوني بمناقض له في الصحابة ، فإن هذا أحب إليّ وأقرّ لعيني وأدحض لحجّةِ أبي تراب وشيعته ، وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله. فقرئت كتبه على الناس ، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها ، وجدّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر ، وألقى إلى معلمي الكتاتيب ، فعلّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتى رووه وتعلّموه كما يتعلمون القرآن ، وحتى علّموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم ، فلبثوا بذلك ما شاء الله ). (١) |
وكان مما رووه في أبي بكر أنه كان يلقب بالصدّيق في الجاهلية ، (٢) وذلك تنظيراً بما كان لرسول الله صلىاللهعليهوآله من أنّه كان يعرف في الجاهلية بالصادق الأمين.
كما وضعوا أنه المعني بقوله تعالى : ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ) ، قال عطاء : الذي جاء بالصدق محمد ، فأفاض من بركات أنوار صدقه على أبي بكر ، فسمي صدّيقاً ، (٣) أو أنّه سبحانه سمّى أبا بكر صدّيقاً في تنزيله فقال : والذي جاء بالصدق وصدّق به. (٤)
ووضعوا على لسان علي عليهالسلام أنه كان يحلف بالله أن الله تعالى أنزل اسم أبي بكر من السماء : الصدّيق. (٥)
كما اختلقوا على عليٍّ عليهالسلام أنّه سُئل عن أصحاب رسول الله ، فقالوا له : أخبرنا عن أبي بكر بن أبي قحافة ، قال : ذاك امرؤ سماه الله الصدّيق على لسان جبرائيل
_______________________________________
١. شرح نهج البلاغة ١١ : ٤٤.
٢. سمط النجوم العوالي ٢ : ٤١٢.
٣. تفسير السّلمي ٢ : ١٩٩.
٤. الأحاديث المختارة ٣ : ١٢ ، تاريخ دمشق ٣٠ : ٤٣٨.
٥. تاريخ دمشق ٣٠ : ٧٥ ، أُسد الغابة ٣ : ٢١٦.