فقد جاء في تاريخ دمشق : إنّ عائشة زوج النبي رأت النبي يقطع اللحم لفاطمة وابنيها ، فقالت : يا رسول الله لابنة الحمراء [ تعني بها خديجة ] أوحش من رأيته تقطع اللحم ، فغضب النبي ، فترك عائشة لا يكلمها ، وإن أُم رومان كلمته فقالت : يا رسول الله ان عائشة بُنيَّة فلا تؤاخذها ، فقال : وتدرين ما قالت ؟ إنها قالت كذا وكذا في خديجة ، وقد فُضِّلت خديجة على نساء أُمتي كما فُضِّلت مريم على نساء العالمين. (١)
وفي سنن الترمذي عن عائشة أنها قالت : ما غرت على أحد من أزواج النبي ما غـرت على خديجـة ، وما بي أن أكون أدركتها ، وما ذاك إلّا لكثرة ذكر رسول الله لها وإن كان ليذبح الشـاة فيتتبع بها صدايق خديجة فيهديها لهن. (٢)
والآن لنقف هنيئة عند أبي بكر لنرى هل أنه حقاً هو الصدّيق ، أم أن الصدّيق ، علي بن أبي طالب ؟ بعيداً عن كل الخلفيات التي يحملها كل طرف ، أي لندرس شخصية الاثنين من خلال أقوالهما وأفعالهما لا من خلال أقوال أتباعهما.
إذ من المعلوم بأنّ الصدق مقابل الكذب ، فلو كانت الصدّيقة فاطمة هي المحقة في قولها ، فيكون الصدّيق أبو بكر كاذباً ، وكذا إن كان عليٌ محقاً فيلزم أن يكون الطرف الآخر مبطلاً.
_______________________________________
١. تاريخ دمشق ٧٠ : ١١٤.
٢. سنن الترمذي ٣ : ٢٤٩ / ٢٠٨٦ ، ٥ : ٣٦٦ / ٣٩٧٧ ، وانظر مسند أحمد ٦ : ٢٧٩ ، وصحيح البخاري ٤ : ٢٣٠ / كتاب بدء الخلق / باب تزويج النبي صلىاللهعليهوآله خديجة وفضلها (رض) ، الطرائف : ٢٩١ ، وفتح الباري ٧ : ١٠٢ وقد علق قائلا : وفيه ثبوت الغيرة وأنها غير مستنكر وقوعها من فاضلات النساء فضلاً عمن دونهن !