شبهة وجواب :
وهنا لابد لي وأنا أسير في البحث من الإجابة عن شبهة قد ترد على ذهن بعض الأشخاص ، وهي : كيف تكون فاطمة سيدة نساة العالمين مع أنّ رب العالمين قال في محكم كتابه عن مريم : ( يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) ؟
نجيب عن ذلك بجوابين ، أحدهما نَقْضي ، والآخر حَلّيٌ.
أما الجواب النقضي : فنسأل المستشكل ماذا يقول في قوله تعالى : ( وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ). (١)
فهل هو يعتقد ، أو هل هناك أحد يقول بأن هؤلاء الأنبياء هم أفضل من نبينا محمّد صلىاللهعليهوآله ؟ كلّا وألف لا ، فالرسل على مراتب وأفضلهم خاتمهم ، فالتفاضل حقيقة ربانية لكن لا على جميع العصور : ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ). (٢)
والأوضح من ذلك أن نرى الله قد فضّل اليهود على العالمين في كتابه ؛ لقوله تعالى : ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ). (٣)
فهل هناك مسلم أو مسيحي يعتقد بأنّ اليهود هم أفضل العالمين ؟ كلا وألف لا ، خصوصاً بعد عِلمنا بما فعله أبناء تلك الأمة بأنبيائهم وتحريفهم للشريعة ،
_______________________________________
١. الأنعام : ٨٦.
٢. البقرة : ٢٥٣.
٣. البقرة : ١٢٢.