الحقائق في كلماتهم وخطبهم ، فمما قالته السيدة فاطمة عليهاالسلام في خطبتها :
|
وأشهد أن أبي محمداً عبده ورسوله ، اختاره وانتجبه قبل أن أرسله ، وسماه قبل أن اجتباه ، واصطفاه قبل أن ابتعثه ، إذ الخلائق بالغيب مكنونة ، وبستر الأهاويل مصونة ، وبنهاية العدم مقرونة ، علماً من الله بمآيل الأُمور ، وإحاطةً بحوادث الدهور ، ومعرفة بمواقع المقدور ، ابتعثه الله إتماماً لأمره ، وعزيمة على إمضاء حكمه ، وإنفاذا لمقادير حتمه ... . (١) |
إذاً السيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام لم تذكّرهم بأصل النبوة لأن الأمة كانت قد قبلت النبي محمداً نبياً في الظاهر ، لكنها جاءت لتصف لهم ما لنبي الله من مكانة ومنزلة عند الله ، لأن أكثر الناس كانوا لا يدركون مكانة الرسول وعمق الرسالة ، بل كانوا ينظرون إلى الأمور نظرة سطحية ، فهي سلام الله عليها أرادت أن تفهمهم بأن المعرفة لا تتأتى إلّا عن طريق هؤلاء ، وبما أن الإنسان خليفة الله في الأرض ، فيجب أن يكون قائد الأُمّة هو الإنسان الكامل منهم ، وهم الأنبياء المرسلون ، والأوصياء المنتجبون ، وهؤلاء هم الذين اصطفاهم الله من بين عباده ، وهم أفضل الناس قدراً وأرفعهم درجة من جميع المخلوقات الأرضية والسماوية.
وإنا على رغم معرفتنا بعض الشيء عن الرسول الصادق الأمين ، والوصي الصدّيق الأمين علي بن أبي طالب ، والصدّيقة فاطمة الزهراء ، لكن مجهولاتنا عن ذواتهم هي الأكثر ، فهم الذوات السامية الذين خلقوا من نور عظمة الباري جل وعلا ، (٢) ولذلك صرّح الإمام الصادق بأنّ فاطمة سميت بفاطمة لأنّ الخلق فُطموا عن معرفتها. (٣)
_______________________________________
١. الاحتجاج ١ : ١٣٣ ، السقيفة وفدك : ١٤٠ ، بلاغة النساء لابن طيفور : ١٥.
٢. الإمامة والتبصرة : ١٣٣ / ١٤٤ ، معاني الأخبار : ٣٥١ ، الفضائل لابن شاذان : ١٥٨.
٣. تفسير فرات : ٥٨١ ، البحار ٤٣ : ٦٥.