بل كان لهؤلاء دور في الشريعة والتاريخ ، وإن كثيراً من المواقف التي يتخذها بعض المسلمين اليوم قد أُخذت عن أولئك ، فلابُدّ من الوقوف على سيرتهم وسلوكهم لأنّ ذلك يرتبط بحياتنا الاجتماعية وسيرتنا العلمية والعملية اليوم ، لأن الأشياء تعرف بأضدادها ، فلا يمكننا أن نعرف علياً وفاطمة إلّا بعد أن نعرف معاوية وأبا بكر ، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى يجب أن نعرف بأن الحكم المنزل من الله جلّت أسماؤه ، على لسان رسوله ، هو واحد ، والحقّ واحد ، وسواه باطل ، فإن كان عليٌ مع الحقّ فمعاوية على الباطل ، وإن كانت فاطمة الزهراء صادقة في مدّعاها فأبو بكر ليس كذلك ، ولا ثالث لهما ؛ إذ قد قال سبحانه وتعالى : ( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ ). (١)
وقال صلىاللهعليهوآله : « ستفترق أُمتي إلى نيف وسبعين فرقة ، فرقة ناجية والباقي في النار » (٢) وهذان النّصان يؤكدان وبكل وضوح وحدة الحقّ وتشعب الباطل والضّلال ، بل الإسلام كلّه مبتن على وحدة الفكر والمضمون.
وقد قال الإمام علي : وأن الباطل لو « خَلَصَ من مِزاج الحقّ لم يَخفَ على المُرتادينَ ، ولكن يؤخذ من هذا ضِغثٌ ، ومِن هذا ضِغث فيُمزجان ، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه ، وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى ». (٣)
وقال عليه السلام للحارث بن حوط الليثي : يا حارث إنك ملبوس عليك ، إن
_______________________________________
١. يونس : ٣٢١.
٢. شرح الأخبار ٢ : ١٢٤ ، الخصال : ٥٨٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٣٩٩٣ / ١٣٢٢ ، في الزوائد اسناده صحيح ورجاله ثقات ، سنن الترمذي ٤ : ١٣٥ ، حديث غريب مفسر ، المستدرك على الصحيحين ١ : ١٢٩.
٣. نهج البلاغة ١ : ٩٩ ـ ١٠٠ خطبة ٥٠ ، وشرح النهج ٣ : ٢٤٠.