الدروس (١) ، لكنّهما لم يذكرا الكراهة في البنيان ، وكأنّهم فهموا من كلام المفيد إرادة التحريم من لفظ الكراهة فإنّها تستعمل فيه.
ويبقى على المحقّق : أنّ المفيد لم يتعرّض للكراهة بمعناها المتعارف في البنيان.
وعلى الكلّ : أنّه سوّى بين الصحاري وبين ما يمكن فيه الانحراف من الأبنية فلا يستقيم إطلاقهم نسبة التفرقة بين الصحاري والبنيان إليه.
وقال العلّامة في المختلف بعد حكايته لعبارة المقنعة : « وهذا الكلام يعطي الكراهة في الصحاري والإباحة في البنيان » (٢) ، فأجرى الكراهة على ظاهرها وعمّم الحكم بالإباحة في البنيان ، وقد عرفت أنّه مخصوص بما لا يمكن فيه الانحراف.
وظاهر الشهيد في الذكرى موافقة المختلف حيث قال : « وقال المفيد يكره في الصحاري لا في الأبنية » (٣). فحكى القول بلفظ الكراهة وأطلق نفيها في الأبنية.
ويحتمل أن يكون غرضه نقل صورة عبارته لا الحكم بإرادة المعنى المتعارف للكراهة منها ، لكن يبقى عليه إطلاق نفي الحكم في الأبنية ؛ لما علمت من تقييد المفيد له.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ حجّة المشهور ـ على ما في كلام الشيخ والفاضلين ـ رواية عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن جدّه عن علي عليهالسلام قال : « قال
__________________
(١) المعتبر ١ : ١٢٣ ، منتهى المطلب ١ : ٢٣٨ ، وتذكرة الأحكام ١ : ١١٨ ، والدروس الشرعيّة ١ : ٨٨.
(٢) مختلف الشيعة ١ : ٢٦٥.
(٣) ذكرى الشيعة : ٢٠.