لم يكن بدّ من أن يستثنى بعض حالات نجاسته من الحكم بعدم صلاحيّة النجس لإفادة التطهير. هذا مع معونة نفي الحرج الحاصل من سدّ باب التطهير بالقليل.
وحيث إنّ مسلك الاستثناء بهذه المثابة في المضايقة فينبغي أن يكون مقصورا على محلّ الحاجة متقدّرا بقدر الضرورة ولا ريب أنّ الضرر والحرج يندفعان باستثناء حالة الورود فيقتصر في الحكم عليهما.
ويستأنس لترجيح اختيارها للاستثناء على ما عداها بانتفاء الخلاف في حصول الطهارة معها ووقوع الشكّ فيما سواها.
وهذا غاية ما يمكن تكلّفه في توجيه الاعتبار المذكور على رأي من يقول بنجاسة الغسالة. وبمقدار ما فيه من التعسّف يعلم ما في أصل القول بنجاستها من التوقّف.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ قول الشهيد في الذكرى : « أنّ في خبر الحسن ابن محبوب تنبيها على عدم اعتبار الورود مطلقا » (١). منظور فيه ؛ لأنّ الطهارة المحكوم بها في الخبر مستندة إلى الماء والنار. والنجاسة الحاصلة هناك على ما يقتضيه السؤال عينيّة. وتأثير الماء في النجاسة العينيّة مع بقاء عينها غير معقول ، ومتى حكم بخروجها عن حقيقتها وزوال حكمها لم يبق هناك نجاسة يزيلها الماء. فلا وجه لاستناد (٢) التطهير حينئذ إليه إلّا بحمل الطهارة على معناها اللغوي من حيث إفادة الماء نوع تنظيف.
ويقع الإشكال في الإسناد إلى النار فإنّ حمله على إرادة المعنى المتعارف
__________________
(١) ذكرى الشيعة : ١٥.
(٢) في « أ » : فلا وجه لإسناد التطهير.