فإن قيل : إذا كان مبنى الاعتبار المذكور على رعاية السلامة من هذا المحذور فينبغي أن يكون مختصّا بمن يرى طهارة الماء المستعمل في الإزالة حينئذ. وأمّا على رأي القائلين بنجاسته تعويلا على أنّ الماء القليل ينفعل بملاقاة النجاسة بأيّ وجه فرض فاعتبار ذلك مشكل إذ نجاسة الماء حاصلة على كلّ حال ، ومسمّى الغسل المأمور به يصدق وإن كان الوارد هو النجاسة.
والفرق بينه وبين استعمال ما حكم بنجاسته لغير هذا الوجه ـ من مقتضيات التنجيس ـ قيام الدليل على عدم صلاحيّة ذاك للاستعمال وانتفاؤه في هذا ؛ فإنّ دليل نجاسته لغير هذا الوجه إنّما يقتضي المنع من استعماله في مغسول آخر ، وأمّا نفس المغسول الأوّل الذي منه نشأ الحكم بالتنجيس فليس في الدليل ما يقتضي المنع من استعماله فيه بالنظر إلى إزالة ذلك الحكم عنه.
قلت : قد مرّ في كلام العلّامة ـ وهو ممّن يرى نجاسة المستعمل في إزالة النجاسة ـ أنّ التنجيس إنّما يعرض للماء بعد انفصاله عن المحلّ المغسول. وعلى هذا فلا إشكال في الاعتبار المذكور على القول بالتنجيس أيضا لجواز مراعاة كون (١) الماء في حال الإزالة طاهرا. وطروّ التنجيس بعده ليس بمناف كما لا يخفى.
ولو قيل : بأنّ الماء في حال الملاقاة للثوب أيضا نجس لأمكن توجيه الاعتبار المذكور حينئذ بأنّ الظاهر من حال ما حكم بنجاسته شرعا عدم صلاحيّته لإفادة التطهير.
لكن لمّا انعقد الإجماع على أنّ الماء القليل صالح للإزالة في الجملة ، وكانت القاعدة مقتضية بحسب الفرض لانفعاله بملاقاة النجس كيف اتّفق ،
__________________
(١) في « ب » : لجواز كون الماء في حال الإزالة طاهرا.