فالشيخ وثّق الأوّل (١) والنجاشي الثاني (٢). وتبعهما العلّامة (٣). وقد ذكرنا ما لنا من التوقّف في الاكتفاء بمثله مرارا.
ولعلّ في حكم المحقّق بصحّتها كما حكيناه دليلا على وجدان ما يدلّ على توثيقهما زيادة على شهادة الواحد ؛ إذ مختار المحقّق في كتابه الاصولي عدم الاكتفاء بتعديل الواحد (٤) ، فبناؤه على مجرّد قول الشيخ والنجاشي كما يقع للعلّامة مستبعد في الجملة ، وإن كنّا قد وجدنا له في المباحث الفقهيّة ما لا يوافق كلامه في الاصول وقد مرّ من ذلك أشياء.
وبالجملة فحديث ابن أبي يعفور أقرب إلى القبول من خبر ابن مسلم فمع التعارض يكون الترجيح للأوّل.
وبتقدير المساواة ، فخبر ابن مسلم أقرب إلى التأويل إذ يمكن حمل ذكر الزيادة عن مقدار الدرهم فيه على كونها إشارة إلى أنّ اتّفاق كون الدم بمقدار الدرهم فحسب بعيد جدّا ، وأنّ الغالب فيه الزيادة أو النقصان.
وممّا يرشد إلى هذا قوله في رواية إسماعيل الجعفي : « إن كان أقلّ من قدر الدرهم فلا يعيد الصلاة وإن كان أكثر فليعد صلاته » (٥). ولم يتعرّض لحال مساواته للدرهم ، فالظاهر أنّه لا وجه لتركه إلّا بعد وقوعه.
وحينئذ فيكون مفهوم الشرط الأوّل في هذه الرواية مخصّصا لعموم مفهوم
__________________
(١) الفهرست ( للشيخ الطوسي ) : ٨٧.
(٢) رجال النجاشي : ١٧١.
(٣) خلاصة الأقوال ١ : ٧٤ ، ٩٣ ، ٩٨.
(٤) معارج الاصول : ١٥٠.
(٥) تهذيب الأحكام ١ : ٢٥٥ ، الحديث ٧٣٩.