وعندما اجتاح الطاعون في ١٨٣١ العراق بأجمعه وجه أول ضربة لرفاهية هذا المركز التجاري العربي الصرف. ومنذ ذلك الوقت بدأت المدينة بالتدهور إلى أن حولتها منافسة الناصرية إلى وضعها الحالى كبلدة فقيرة ذات شوارع ضيقة متعرجة تغطيها البرك النتنة ومختلف أنواع القاذورات يقل عدد سكانها عن خمسة آلاف نسمة.
وما سوق الشيوخ حالياً إلا شبيه تافه للسوق المزدهر السابق الذي كان البدوي يستطيع أن يجد فيه كل ما هو ضروري ابتداءاً من السلاح الأبيض والأسلحة النارية والبارود والسروج، وانتهاءاً بالرز والشعير والدخن والمصنوعات الأوربية والبن ومختلف الأواني البسيطة وما شابه ذلك من البضائع. وكانت التجارة هناك تجري عن طريق المقايضة أي أن البدو كانوا، في مقابل البضائع التي يحتاجونها، يقدمون الماشية والخيل والمنتجات الحيوانية كالصوف والجبن والجلود وما أشبه. وكان شراء المسروقات والأشياء التي تقع في أيدي البدو عند سلبهم للقوافل التجارية أو للمسافرين الانفراديين بشكل عام فرعاً مزدهراً من فروع التجارة المحلية بحيث أن أي أوروبي يسلبه العرب في الصحراء كان يستطيع وبشكل مؤكد تقريباً أن يعيد شراء أغلبية أشيائه التي فقدها في دكاكين سوق الشيخ.
وتشتهر سوق الشيخ، بالإضافة لتجارتها المزدهرة مع البدو، بكونها أيضاً مقراً للرئيس الديني لطائفة تسكن بعض مدن العراق العربي وتعرف باسم الصائبة (١).
وقد سكنت بضع مئات من عوائلهم حول مسكن أسقفهم فكونوا
______________________
(١) أنظر تفاصيل عنها في الفصل الخامس من هذا الكتاب.