التجارية. فالواقع أن كثافة اليهود تزداد في مدن ولاية البصرة ومناطقها المأهولة بمقدار ما تزداد أهمية هذه المدن أو المناطق من الناحية التجارية ولهذا فإننا نجد الطائفة اليهودية في العمارة وشطرة العمارة وسوق الشيوخ وشطرة المنتفك والحي والكويت إلى جانب البصرة نفسها والناصرية. وتحتل الناصرية مكانة بارزة في التجارة باعتبارها مركزاً لشراء الخامات من جميع أنحاء السنجق وعلى الأخص الحبوب التي تكثر في المنطقة التي يرويها شط الحي.
أما عن القلعة التي بناها ناصر باشا فإنها ظلت غير مأهولة لوقت طويل ذلك أن الشيخ نفسه في زياراته للناصرية كان يتجنب التوقف فيها مفضلاً العيش في خيمة تُضرب له خارج سور القلعة. أما ابنه فالح الذي عُينّ متصرفاً لسنجق المنتفك فقد سكن في الناصرية واختار القلعة لتكون مقراً له حيث أقام فيها دون أن يتركها حتى ثورته على الحكومة العثمانية عام ١٨٨٢ واضطراره للهرب. ومنذ ذلك الوقت تقلص نفوذ أل سعدون كثيراً وتحولت الناصرية من مقر لشيخ مشايخ المنتفك إلى مدينة عربية عادية يديرها الأتراك.
لقد تزامن ازدهار الناصرية مع تضاؤل المركز التجاري السابق سوق الشيوخ التي ظل البدو حتى ذلك الوقت يتقاطرون عليها لا من مناطق العراق العربي المجاورة فحسب وإنما من البلدان البعيدة أيضاً كالكويت ونجد وصحراء شمال شبه جزيرة العرب.
لقد قام أحد شيوخ المنتفك قبل مائتي سنة
ببناء سوق الشيوخ على الضفة اليمنى أي الغريبة من الفرات في منتصف الطريق تقريباً بين القرنة ومصب شط الحي في الفرات. ثم أخذت المدينة بالنمو بسرعة فامتدت وأصبح محيطها خمسة أميال وعدد سكانها يزيد على ١٠،٠٠٠ نسمة.