مستقيم إلى الجنوب الغربي من العمارة و ١٧٠ كم إلى الغرب من البصرة. والناصرية كالعمارة مدينة حديثة.
وهي تدين بقيامها في سبعينيات القرن التاسع عشر لناصر باشا الشيخ المشهور من عائلة السعدون، فلقد حصل مدحت باشا وإلى بغداد آنذاك رغبة منه في استمالة الشيخ المذكور وتهدئة المنطقة نهائياً وترسيخ سلطته عن طريقه، على موافقة اسطنبول على فصل الأراضي التي يقطنها المنتفكيون وجعلها منطقة قائمة بذاتها يوضع على رأسها الشيخ ناصر الذي في الوقت نفسه على لقب باشا ورتبة متصرف عثماني. وقد قرر المدير الجديد أن يؤسس مدينة جديدة لتكون مقراً له فحاول أن يجد لها موضعاً ملائماً للمحافظة على طاعة المنطقة التابعة له وكذلك لصد هجمات القبائل المعادية للمنتفكين وخصوصاً الشمريين الذين كانوا يتنقلون في اطراف المناطق الشمالية لولاية بغداد. وبعد أن بنى ناصر باشا في المكان الذي اختاره قلعة واسعة وحصينة وألحق بها ثكنات بدأ بتشييد مدينة جديدة حولها سميت «الناصرية» نسبة لمؤسسها. أن تخطيط المدينة بل وحتى بناء الكثير من عماراتها كما تشير الشائعات، هو من عمل مهندس بلجيكي وذلك ما جعل الناصرية بسوقها الواسع وبيوتها وشوارعها العريضة أحسن من أية مدينة أخرى على الفرات فهي تعطي للأوروبي أجود أنطباع.
وتقارن هذه المدينة التي بلغ عدد القاطنين فيها بعد سنتين من تأسيسها أربعة آلاف نسمة، حالياً بالعمارة من حيث عدد سكانها الذين يتألفون إضافة إلى العرب والصابئة أو المسيحيين من أتباع يوحنا المعمدان (١) من جالية يهودية كثيرة العدد، الأمر الذي يشير إلى أهمية الناصرية من الناحية
______________________
(١) أنظر عنهم الفصل الخامس من هذا الكتاب.