أما في البصرة فقد دمر فيضان شط العرب في عام ١٨٩٠ مليوني نخلة وهي الوسيلة الأساسية للغذاء والثروة بالنسبة للأهالي هناك. لكن الحكومة العثمانية، بسبب قلة ما تحت يدها من أموال، في وضع لا يمكنها من مكافحة هذا الشر الذي يعود في أصله بالدرجة الأولى إلى الاستعاضة عن السدود الغالية التكاليف بحواجز بدائية تبنى من حزم القصب المجدول والطين. فمثل هذه المنشآت القائمة حالياً في جميع أنحاء العراق العربي لا تتحمل بالطبع ضغط فيضان الربيع لذلك أصبح تسرب المياه إلى السهول المحيطة بالفرات ودجلة ظاهرة مألوفة.
وتمتد المياه الراكدة التي تكونت من الفيضانات التي تتكرر سنوياً والتي يسميها الأتراك بحيرة (موخ صو) ويطلق عليها العرب اسم جزائر المنتفك، باتجاه مستقيم من بلدة سوق الشيوخ على الفرات حتى أسوار البصرة وتمتد نحو الغرب حتى مجرى الفرات القديم جيري زادة، في حين تتصل في الشرق بمياه هور العمارة التي تحتل الضفة اليمنى لدجلة إلى الأعلى والأسفل من قبر عزرا. وتتكون من مياه هذه المستنقعات جميعها بحيرة حقيقية يبلغ طولها ما بين ٥٠ إلى ٦٠ ساعة سير في القارب وعرضها ما بين ٢ إلى ٣ ساعات في حين يتجاوز عمقها في بعض المواقع المتر الواحد وهناك مستنقع آخر لا يقل سعة عن ذلك يُعرف باسم هور عزام يحتل مساحة كبيرة إلى الشرق من دجلة تمتد من العمارة حتى نهر كيركة وموضع الحويزة.
إن تجفيف المستنقعات التي تتاخم المجرى
الأدنى للفرات ودجلة وهو الاجراء الذي تضمنه مشروع السيد ولكوكس لدرء الفيضان السنوي لهذين النهرين هو قيمة حقيقية للبلاد لا في المعنى الاقتصادي فحسب وإنما من وجهة النظر الصحية في المنطقة إيضاً ذلك أن العراق العربي هو