آلاف السنين (١).
لقد كانت دراسة جميع منشآت الري القديمة هذه حتى القرن الحالي سيئة إلى درجة بحيث لا توجد هناك بالنسبة لأغلبية هذه القنوات أية معلومات لا عن زمن بنائها ولا عن اتجاهاتها بالضبط ولا حتى عن مدى صلاحيتها. ويتحتم علينا أن نأمل بأن لجنة المهندسين الأوروبيين برئاسة السيد ولكوكس التي تقوم منذ ١٩٠٨ بدراسة حقلية لوضع خطة لإحياء بلاد الكلدانيين القديمة عن طريق إعادة إنشاء قنواتها الاروائية، ستساعد على حل هذه المسائل وكثير من المسائل المهمة الأخرى المتعلقة بنظام الري القديم في العراق العربي.
وكان السيد ولكوكس وهو واحد من الشخصيات البارزة التي أهتمت بالري في مصر، وقد زار العراق العربي في شتاء ١٩٠٤ للإطلاع مسبقاً على طبيعة عمله القادم وقد اقتنع آنذاك بعدم جدوى الاقتصار على مجرد ترميم منشآت الري. ولهذا السبب أدخل في مخططه أيضاً حماية العراق من الغرق بسبب الفيضان الربيعي للأنهار وكذلك تجفيف الأهوار التي تحتل حالياً ما يقرب من ثلث سهول العراق.
وتتكرر الفيضانات التي أشرنا إليها أعلاه سنة بعد أخرى فتسبب للسكان خسائر تتفاوت في حجمها تبعاً لحجم الفيضان نفسه، فقد انقطعت بغداد مثلاً خلال الـ ٧٥ سنة الأخيرة عن العالم الخارجي ١٧ مرة بسبب الفيضانات وكان انقطاعها لفترات تترواح بين شهر واحد وأربعة أشهر هذا إذا أهملنا الفيضانات الأخرى الأصغر حجماً (٢).
______________________
(١) F. R Chesney: op. cit. Vol.١.p.٢١.
(٢) السالنامة الخاصة بولاية بغداد لسنة ١٣٢١ هـ ص١٥٩ ـ ١٦٠.