في ١٨٧٠ ـ ١٨٧١ عندها ظهر على المسرح الراسماليون النمساويون والألمان ومعهم عدد كامل من المشاريع المصرفية ومشاريع السكك الحديدية (١).
تميز تدفق رؤوس الأموال الأجنبية الجديدة بازدهار المشاريع والامتيازات من مختلف الأنواع وأدى إلى أن تفتتح في عاصمة الامبراطورية العثمانية بنوك كثيرة العدد أهلية وأجنبية. وقد بدا كما لو أنه قد حان وقت انبعاث مالية الدولة العثمانية وتجارتها وصناعتها. غير أن الواقع كان غير ذلك فقد ظل كل شئ على حاله فالحكومة ظلت كالسابق تعاني الحاجة إلى النقود وتقترض المبالغ التي تحتاجها بفوائد عالية في الوقت الذي كانت فيه مؤسسات الأقراض المختلفة تعطي لمساهميها فوائد لم يسبق لها مثيل علماً بأن أرباحها لم تكن تأتي من المشاريع التجارية أو الصناعية وإنما وبشكل كلي من القروض التي كانت تمد بها الخزينة العثمانية بشكل مكثف.
ولم يعد لدى الحكومة في نهاية المطاف من مرافق إيرادات الدولة ما هو حر لضمان القروض الجديدة، وذلك نتيجة لنظام الضمان المعمول به. وبسبب من توزيع تلك المرافق على المقرضين القدماء تحتم الدخول مع هؤلاء في اتفاقية تقضي باقتطاع جزء معين من الايرادات التي سبق التنازل عنها لهم لمصلحة المقرضين الجدد.
وطبيعي أن فرص الدولة العثمانية للاقتراض من أوروبا كانت في ظل مثل هذه الأوضاع تتقلص باستمرار، خصوصاً بعد أن أخذت الصحافة الأجنبية التي كانت منذ نهاية الستينيات تقرع ناقوس الخطر مشيرة إلى
______________________
(١) A. du velay. Op. cit. p. ٢٩٣ FF.