وضع مالية الدولة العثمانية الميؤوس منه، تشن حملة جديدة وتتنبأ لجميع دائني الباب العالي بحتمية الافلاس.
ولم تستطع حتى لجنة خاصة تشكلت في اسطنبول، قبل أن تحل الأزمة، من الماليين الفرنسيين والانجليز والنمساويين أن تقضي على المصاعب المالية التي وقعت فيها الحكومة العثمانية نتيجة لشغفها المفرط بالقروض الخارجية. لقد كانت اللجنة ترمي إلى إعادة تنظيم مالية الدولة العثمانية على أسس أوروبية، غير أنها اصطدمت منذ خطواتها الأولى بسوء ظن ظاهر من جانب الأدارات التركية المختلفة. الأمر الذي اضطرها لان تغلق أبوابها دون أن تتمكن من عمل شيء باستثناء توصلها لوضع الخطوط العامة لأول ميزانية حكومية عثمانية، غير أن أياً من الوزارات العثمانية لم تر ضرورة العمل بهذه الميزانية (١).
وهكذا كانت اللحظة الحرجة بالنسبة للدولة العثمانية تقترب بخطى حثيثة. ففي بداية ١٨٧٤ احتج اصحاب السندات المالية الفرنسيون أمام حكومتهم بسبب امتناع الباب العالي عن دفع القسيمة الدورية الأمر الذي أدى إلى أن يفرض حجز موقت على جميع مبالغ الحكومة العثمانية المودعة في فرع البنك العثماني في باريس.
لقد كانت هذه الحادثة نذيراً للزوبعة التي هبت في السنة التالية عندما تبين أن دخل الحكومة الذي كان مقدراً له أن يصل في السنة المالية ١٨٧٤ ـ ١٨٧٥ إلى ٥٧٠،٥ مليون فرنك لم يتجاوز في واقع الأمر ٣٨٠ مليون فرنك، في حين كان يتوجب أن يدفع كأقساط للقروض الخارجية فقط ما لا يقل عن ٣٠٠ مليون فرنك ذلك أن دين الدولة الخارجي كان قد بلغ
______________________
(١) Ch. Morawitz. Op. cit/ p/٢٦ FF.