كان البنك الامبراطوري العثماني قد افتتح فروعه في العراق الجنوبي منذ وقت قريب نسبياً وكان ذلك في آب ١٨٩٣ بالنسبة لبغداد وفي بداية ١٨٩٤ بالنسبة للبصرة، فحل بذلك محل بنك فارس الشاهنشاهي هناك (١). لقد كان البنك العثماني ينوي في البداية أن ينقل منافسته للبنك الشاهنشاهي إلى داخل فارس نفسها، لكن هذا الأخير تناول فأغلق فروعه في العراق العربي وألزم البنك العثماني بالتخلي عن مد نشاطه إلى فارس. ومنذ ذلك الوقت يقوم البنك العثماني بكل عملياته مع فارس من خلال البنك الشاهنشاهي كما يقوم البنك الشاهنشاهي بعملياته في العراق العربي من خلال البنك العثماني وفي كلا الحالتين لا تتعدى العمولة المتفق عليها ٨/١%.
كان فرع البنك العثماني في البصرة كما هي الحال بالنسبة لفرعه في بغداد يدار من قبل شخص اوروبي لكنه مات في سنة ١٨٩٤ نفسها ولم يكن هناك، بسبب المناخ القاتل، من يرغب في اشغال هذا المنصب فاضطر البنك إلى إغلاق فرعه وأبقى في البصرة مراسلاً بسيطاً من الأهالي. وأعيد فتح فرع البصرة في ١٩٠٤ فسدت بذلك الحاجة الملحة التي كان التجار والبيوت التجارية الملحية يستشعرونها لمؤسسة مصرفية.
لقد انعكس ظهور البنك العثماني في العراق الجنوبي بشكل حسن على التجارة بالدرجة الأولى حيث قلل من شهية المصرفيين المحليين أي الصرافين الذين استغلوا فرصة عدم وجود منافسة أجنبية فاتفقوا فيما بينهم وأخذوا يفرضون فائدة عالية جداً على الأشخاص الذين يلجأون إلى مساعدتهم المالية. ويمكن أن نأخذ مثلاً على ذلك كبار المزارعين
______________________
(١) كان فرع البنك الشاهنشاهي في البصرة قد افتتح في ١٨٩١.