البصريين الذين كانوا بسبب حياتهم الباذخة يحسون بالحاجة إلى النقود في أغلب الأحيان فيقترضون من الصرّافين بفائدة لا تقل عن ٢٤% في السنة. لقد أناخت الفوائد العالية التي يأخذها الصرافون بثقلها على مصدري الخامات المحليين بشكل خاص. فهؤلاء لا يملكون رأسمال متداولاً كبيراً لذا فإنهم يقومون بكل تجارتهم بالدين فيكون والحالة هذه انخفاض نسبة الفائدة على القروض التي ياخذونها من الصرافيين بكفالة وثائق شحن البضائع التي أرسلوها إلى الخارج قضية حيوية بالنسبة لهم. إن تلك القروض ضرورية لهم لكي يستطيعوا أن يفوا بديونهم لمجهزيهم. وقد أبدى البنك العثماني في هذا المجال خدمة كبيرة لرجال الأعمال المحليين هؤلاء.
ويمكننا أن نكون لأنفسنا تصوراً معيناً حول حجم النشاط الذي يمارسه البنك الامبراطوري في العراق الجنوبي، باعتباره خزينة للدولة العثمانية يقوم بعمليات الايراد والصرف لجميع واردات الخزينة في هذه المنطقة إذا علمنا بأنه يرد إلى الخزينة في كل سنة ما يقرب من ٤،٣٠٠،٠٠٠ روبل بالمعدل في ولاية بغداد وما يقرب من ١،٦٣٠،٠٠٠ روبل في ولاية البصرة وبأن البنك يدفع مثل هذا المبلغ في مجموعه العام لتغطية مصاريف المؤسسات الحكومية في كلا الولايتين المذكورتين (١).
أما المؤسسة الأوروبية الثانية من حيث الأهمية بعد هذا البنك في الدولة العثمانية فهي: “Administration de la Dette Publique” التي تتألف
______________________
(١) لقد استخلصنا أرقام الايرادات والمصروفات هذه على أساس المعطيات الواردة في السالنامات أي الحوليات العثمانية الرسمية الخاصة بولايتي بغداد والبصرة في سنوات مختلفة.