فإنّ معنى النهي عن بيع الدين بالدين أو الكالي بالكالي : أن يكون مدخول الباء الذي هو العوض دينا وكالئا حين العقد أي : يصير الدين والكالي عوضا حال اتّصافه بكونه دينا أو كالئا مثل أن يكون لأحد دين مؤجّل على غيره ، فباعه بعوض دين مؤجّل للمشتري على غيره أيضا.
وأمّا فيما نحن فيه فيباع الدين بشيء مضمون على البائع مشروط تأجيله في ضمن هذا العقد ، فصيرورته دينا إنّما هي بعد العقد ، ولا يكون دينا قبله ، ولا حاله ، فلا يكون مدخول « الباء » العوضية دينا حال صيرورته عوضا.
قوله : فيقصد أنّ الثمن بقي في ذمّته دينا.
يعني : يقصد من هذا القول أنه بقي دينا بعد البيع ، لا أنه كان دينا حال البيع فمعنى قولهم : باعه ماله بالدين أنه باعه بما بقي دينا ، لا بما كان دينا.
قوله : على رواية محمّد بن الفضيل إلى آخره
الرواية رواها محمّد بن أحمد عن محمّد بن عيسى عن محمد بن الفضيل قال : قلت للرضا عليهالسلام رجل اشترى دينا على رجل ، ثمّ ذهب إلى صاحب الدين فقال له : ادفع إليّ ما لفلان عليك ، فقد اشتريته منه. فكيف يكون القضاء في ذلك؟ قال : « يدفع إليه قيمة ما دفع إلى صاحب الدين ، ويبرأ الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه » (١).
والرواية الاخرى رواها أبو حمزة الثمالي عن الباقر ( عليهالسلام ) قال : سألته عن رجل كان له على رجل دين فجاءه رجل فاشترى منه بعرض ، ثمّ انطلق إلى الذي عليه الدين ، فقال له : أعطني ما لفلان عليك ، فإني قد اشتريته منه ، كيف يكون القضاء في ذلك؟ فقال له أبو جعفر عليهالسلام : « يرد عليه الرجل الذي عليه الدين ماله الذي اشتراه به من الرجل الذي له الدين » (٢).
ووجه دلالته الثانية : أن الضمير في قوله : « اشتراه » راجع إلى الدين. والضمير المجرور في « به » راجع إلى ماله ، فيكون المعنى : يرد ماله الذي اشترى الدين بهذا المال ، فاللازم دفع ما دفعه المشتري.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٨ / ٣٤٨ ، والتهذيب : ٦ / ١٩١ ، وملاذ الاخيار : ٩ / ٥٠٦.
(٢) وسائل الشيعة : ١٨ / ٣٤٧.