وقد جعل بعضهم المراد بالبريء : المديون المحال عليه عند كون الدين مؤجّلا وتكون لفظة « من » حينئذ بمعنى « على » كما قالوا في قوله تعالى : ( وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ ) (١).
ولا يخفى ما فيه من التخصيص الذي لا يستفاد من الكلام أصلا ، وكأنّه لأجل ما رأى من الاختلاف الواقع في أنّ الحوالة على البريء هل هي صحيحة أم لا؟ وتوهّم عدم الخلاف في صحّة الحوالة من البريء ، مع أنّهم تكلّموا فيه أيضا ، فمنهم من أرجعه إلى الوكالة.
ويدلّ على أنّ المراد ما ذكرنا ما ذكره المحقّق الشيخ علي في شرح القواعد حيث بنى الحوالة الاولى خاصّة على صحة الحوالة من البريء. فإنّه على ما قلنا يكون المحيل الأوّل بريئا عن حقّ المحتال ، ولكن بعد الحوالة يصير المحتال مشغول الذمّة بحقّ المحيل ، فيصح حوالته الثانية ، بخلاف ما لو اريد من البريء أحد المديونين باعتبار التأجيل ، فإنّ المديون الآخر حينئذ بريء أيضا ، فلا يختصّ البناء بالحوالة الاولى.
قوله : وكذا لو اصطلحا إلى آخره
أي : اصطلح الشريكان المقرضان على ما في ذمم المقترضين ببعض ، كأن يصلح زيد مع عمرو ماله في ذمّة بكر بما لعمرو في ذمّة خالد في المثال المتقدّم.
قوله : من المديون.
متعلّق بقوله : « بيعه ». وفيه ردّ على ابن إدريس كما يأتي.
قوله : ولا يمنع.
أي : في صورة كونه مؤجّلا.
قوله : بمقتضى تعلّق « الباء » به.
« الباء » في قوله : « بمقتضى » للسببية. والضمير المجرور راجع إلى العوض أو الدين. وقوله : « بمقتضى » متعلّق بقوله : « ما كان عوضا » إلى آخره وسبب له. والمراد : أنّ الدين الممنوع من كونه عوضا ما كان عوضا مع كونه دينا ؛ لأنّه مقتضى تعلّق « الباء » بالعوض أو العين.
__________________
(١) الأنبياء : ٧٧.