وأمّا على المعنى الثاني فلا يصح ؛ لكون الزيادة وغيرها نفس الضرر حينئذ ، والمراد بزيادة المرض أعمّ من أن يكون في الكم بأن يحصل مرض آخر ، أو بالكيف : بأن يشتدّ المرض الأول.
هذا ، والظاهر أنّ عطف قوله : « وشدة الألم » على قوله : « زيادة المرض » من قبيل عطف الخاص على العام ؛ لأنّ زيادة المرض أعمّ من أن يكون لشدّة الألم كزيادة الصداع والرمد ، وأن يكون بدونها كزيادة الحمّى ومرض الاستسقاء. وعلى هذا فيكون المراد :نفي التفرقة بينهما وبين بطء البرء ، وقوله : « بحيث لا يتحمّل » قيد للعام والخاص معا. ولو أخّر هذا القيد عن بطء البرء أيضا لكان أولى ، إلّا أن يقال : إنّ البطء الذي لا يعتدّ به عرفا لا يسمى بطء شرعا ، ويبعد حصول الظن (١) به غالبا.
قوله : فلو تكلّفه مع ظن الضرر قضى.
وكذا لو لم يتكلّفه ، وإنّما لم يذكر الأخير ، واكتفى بالأول ؛ لظهور القضاء في الأخير ، ولأنّ الأوّل هو الفرد الأخفى ؛ لاحتمال أن يكون الإفطار رخصة لا عزيمة كما توهّمه بعض العامّة ، ولورود رواية بخلافه ظاهرا ، وهي رواية عقبة بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام في رجل صام رمضان وهو مريض. قال : « يتمّ صومه ولا يعيد ».
قوله : ففيه ما مر.
أي : في بحث اشتراط نية الوجه في الوضوء وغيره حيث بيّن أنّه لا دليل على وجوب ما عدا القربة في النيّة. وأمّا المميّزات فيجب حين اشتراك الفعل ، ولا اشتراك في الوضوء حتّى في الوجوب والندب ؛ لانّه في وقت العبادة الواجبة المشروطة به لا يكون إلّا واجبا ، وبدونه ينتفي.
وبيانه هنا : إنّا نقول : إنّ نيّة الوجه إنّما هي لتميّز الفعل في أنّه واجب أو مندوب ، وهذا إنّما يحتاج إليه في صورة الاشتراك ، ولا اشتراك في الصوم ؛ لأنّ الزمان إمّا أن يجب فيه الصوم بالأصالة كشهر رمضان ، أو بالعارض كالنذر المعيّن أو لا. ففي الأوّل ليس إلّا واجبا ، وفي الثاني ليس إلّا مستحبّا ، فلا حاجة إلى قصد الوجه من وجوب أو ندب في يوم
__________________
(١) حصول الضرر. ظ.