قوله : بمطهّر غيره مطلقا.
إمّا قيد للبئر ، أي : يطهر البئر مطلقا سواء نجست بنجاسة لا نصّ فيها ، أو بأحد النجاسات المنصوصة بالنزح فيه. أو للمطهّر أي : يطهر بمطلق المطهّر لغيره من الاتّصال بالجاري أو الكرّ أو المطر ، اتّصالا دفعيّا أو تدريجيّا مع الامتزاج أو بدونه ، مع المساواة أو علوّ المطهر أو دنوّه
وحينئذ يكون الإطلاق ردّا على المحقّق في المعتبر حيث قال : إذا جرى إليها الماء المتّصل بالجاري لم يطهر. وعلى العلّامة في المنتهى حيث خصّ الجاري بالذكر ، وعلى المصنّف في الدروس حيث اشتراط الامتزاج.
لا يقال : إنّ من مطهرات ماء الجاري ـ كما مر ـ زوال التغيّر ، مع أنّه لا يقول المصنّف بطهر البئر به ، فلا يطهر بمطهّر غيره مطلقا.
لأنا نقول : إنّ مطهّر الجاري ليس زوال التغيّر حقيقة ، بل طهره لأجل اتّصال القدر المتغيّر بغيره من الجاري ، وإنّما يمنع التغيّر من طهره ، فإذا زال يطهر بسبب الاتصال ، لا بالزوال ، ولكنّه لأجل حصول الطهارة بمحض زواله لأجل ارتفاع المانع ووجود المقتضي نسب التطهير إليه ، فالمطهّر حقيقة هو الاتّصال بالجاري ، والبئر أيضا يطهر به.
ولا يرد أيضا تطهير بعض الأشياء بالشمس والنار وغيرهما ، لأنّ المراد غيره من المياه.
ويمكن أن يكون قوله : « مطلقا » قيدا لقوله : « غيره » أي : ويطهر بمطهّر غيره من الجاري والقليل والكثير. هذا ثمّ إنّ قوله : « غيره » إمّا يكون مضافا إليه لقوله : « بمطهّر » أو يكون وصفا له ؛ ليكون تنبيها على أنّ البئر ليس كالجاري ، فلا يطهر لأجل الاتصال بالمادة.
قوله : وهو من الإبل.
أي : البعير من الإبل بمنزلة الانسان من الناس كما في الصحاح.
والتوضيح : أنّ الناس اسم للجمع ، فلا يطلق على الواحد ، وكذلك الإبل اسم للجمع كما صرّح به في الصحاح ، والبعير والانسان مفردان يطلقان على الواحد مطلقا : ذكرا كان أو أنثى ، صغيرا أو كبيرا. ولفظة « من » في الموضعين للتبعيض.