التقية ، أمّا لو قلنا بأنّ الوجه في ذلك كون المخالف أقرب إلى الحقّ وأبعد من الباطل كما يدلّ عليه جملة من الأخبار ، فهي من المرجّحات المضمونية ، وسيجيء حالها مع غيرها (١).
وقد كان قبل هذا ذكر أنّ في هذا المرجّح وجوهاً أربعة ، وهذان الوجهان هما الثاني والرابع من تلك الوجوه ، فراجع (٢).
وحيث تحقّق أنّ مخالفة العامّة كموافقة الكتاب من المرجّحات المضمونية الراجعة إلى مرجّحات الصدور ، كانت هذه المرجّحات الثلاثة ـ أعني الشهرة ومخالفة العامّة وموافقة الكتاب والسنّة ـ كلّها في مرتبة واحدة ، فلا يتقدّم أحدها على الآخر. نعم دلّت المقبولة على تقدّم الشهرة عليهما وأنّهما معاً في عرض واحد ، فلزم المصير إلى ما دلّت عليه المقبولة ، وتكون النتيجة هي التخيير بينهما.
لكن صحيح القطب الراوندي (٣) دلّ على تقدّم موافقة الكتاب على مخالفة العامّة ، فيحصل الترديد بين مفاد المقبولة ومفاد الصحيح المذكور ، ويكون المقام من قبيل الدوران بين التعيين والتخيير ، فاللازم هو الأخذ بمفاد التعيين وتقديم موافقة الكتاب ، فلاحظ وتأمّل.
وسيأتي (٤) إن شاء الله الإشكال في كون مخالفة الكتاب وموافقته من المرجّحات الصدورية ، لانحصارها بالمخالفة بالعموم من وجه ، ولا يتأتّى فيه
__________________
(١) فرائد الأُصول ٤ : ١٣٨.
(٢) فرائد الأُصول ٤ : ١٢١ ـ ١٢٢.
(٣) وسائل الشيعة ٢٧ : ١١٨ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٢٩.
(٤) في الحاشية الآتية في الصفحة : ٣٠٧ وراجع أيضاً ما نقله قبل ذلك عن شيخه ٠ وما علّقه عليه.