التساوي من حيث الرجحان ، فيحكم بالتخيير بين الخبرين أو بتساقطهما والإرجاء إلى لقائه عليهالسلام ، هذا.
ولا يخفى أنّا لو التزمنا بأنّ معنى ترجيح المخالف هو الحكم بصدور الموافق تقية ، فإن قلنا بأنّ أصالة جهة الصدور متأخّرة طبعاً عن أصالة [ الصدور ] لم تكن لنا مندوحة عن الالتزام عند التساوي من حيث أصالة الصدور باجراء أصالة الصدور في كلّ منهما حتّى فيما يكون موافقاً للعامّة ، ثمّ نسقط أصالة جهة الصدور فيه ، وحينئذ يتوجّه الإشكال في ثمرة أصالة الصدور فيه.
إلاّ أن يدّعى ـ كما أفاده الأُستاذ العراقي في مقالته ـ (١) أنّه يكفي في ترتّب الأثر عليه هو الإيصال إلى هذه المرتبة ، وتقديم المخالف منهما حينئذ على الموافق لهم ، أو نلتزم بما ذكرناه أخيراً بكفاية القضية التعليقية ، وهي أنّه لو كان هذا صادراً لكان بلا تقية ، ويكون عدم جريان أصالة الصدور فيما هو الموافق لهم لعدم تحقّق عقد الحمل فيه على ما عرفت التفصيل فيه.
ولو قلنا بعدم التأخّر ، بل قلنا ـ كما يظهر من المقالة ـ إنّ كلاً من أصالة الصدور وأصالة جهة الصدور متوقّف على الآخر ، لأنّ كلاً منهما مأخوذ في موضوع الآخر ، حيث إنّ ما يحكم بصدوره إنّما هو الكلام الصادر لا لتقية ، كما أنّ ما يحكم بعدم كونه تقية إنّما هو الصادر ممّن يجب اتّباعه ، فكان كلّ من الأصلين متوقّفاً على الأصل في الآخر ، ولا تتمّ الحجّية إلاّبعد تحقّق موضوع كلّ منهما ، فلازمه وقوع التزاحم بين الأصلين عندما تكون إحدى الروايتين مشهورة والأُخرى موافقة للعامّة ، لكون المرجّحين حينئذ في رتبة واحدة ، إلاّ أن نركن في التقديم إلى المقبولة كما عرفته على المختار من كون ترجيح المخالف على
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٤٨٦.