بمعنى انحصار انطباقها على الرواية المخالفة لهم ، بأن نقول : هي لو كانت صادرة لكانت بلا تقية ، وحينئذ نحكم بصدورها لتحقّق تلك القضية التعليقية في حقّها ، بخلاف الرواية الأُخرى الموافقة لهم فإنّها مع النظر إلى هذا المرجّح لا يمكننا أن نقول في حقّها إنّها لو كانت صادرة لكانت بلا تقية ، فلا يتحقّق فيها ما هو الشرط في الحكم عليها بالصدور ، فينتفي فيها عقد الوضع من تلك القضية التعليقية الذي هو الصدور ، لكن لا ابتداء بل بواسطة انتفاء عقد الحمل من تلك القضية الذي هو كونها بلا تقية.
فالحاصل : أنّ موافقة العامّة وإن أسقطت الرواية المشتملة عليها عن أصالة الصدور ، إلاّ أنّها لا تسقطها عنها ابتداءً ، بل بتوسّط إسقاطها فيها أصالة جهة الصدور.
ومن ذلك تعرف الوجه في تقديم الشهرة على مخالفة العامّة ، فإنّ الشهرة في الرواية الموافقة للعامّة تكون مسقطة لأصالة الصدور في الطرف المقابل ابتداءً بخلاف مخالفة العامّة في الرواية النادرة ، فإنّها لا تسقط أصالة الصدور في الرواية المشهورة الموافقة لهم إلاّبتوسّط إسقاطها فيها أصالة جهة الصدور ، التي عرفت أنّها في مرتبة الحكم في القضية التعليقية التي يكون جريان أصالة الصدور في الرواية والحكم بصدورها تعبّداً متوقّفاً على تحقّقها فيها.
والخلاصة : هي أنّه بعد أن اتّضح أنّ النظر في المرجّح الصدوري متقدّم رتبة على المرجّح الجهتي ، نقول : إنّا لو نظرنا إلى هاتين الروايتين فلم نجد فيهما ما يرجّح الصدور لا نحكم بصدورهما ولا بعدم صدورهما ، بل يبقى الشكّ والتردّد بحاله إلى النظر في المرتبة الثانية وهي المرجّح الجهتي ، وحينئذ نرى أنّ الرواية المخالفة للعامّة أرجح جهة من الموافقة ، بمعنى أنّهما يتعارضان في