للأصل الجاري في مرتبته في الطرف الآخر ، أو أنّ مورد هذه المرجّحات لمّا كان مترتّباً كانت هي مترتّبة ، أمّا الأوّل فقد عرفت أنّه لا يلائم ما ذكره قدسسره بعد قوله « قلت » ، وأمّا الثاني فلما هو واضح من أنّ طولية المورد لا تستلزم طولية المرجّحات.
قوله : وأمّا إذا لم يكن في الخبر قرائن التقية ، فالحمل عليها إنّما يكون بعد وقوع التعارض بينه وبين الخبر المخالف للعامّة ، ووقوع التعارض بينهما فرع شمول أدلّة التعبّد بالصدور لكلّ من الموافق والمخالف. لا أقول : إنّ أدلّة التعبّد بالصدور تعمّ كلاً منهما بالفعل مع كونهما متعارضين ، فإنّ ذلك واضح الفساد ، بل أقول : إنّ كلاً منهما في حدّ نفسه مشمول لأدلّة الاعتبار ، فحمل الخبر الموافق للعامّة على التقية إنّما يكون بعد فرض التعبّد بصدوره ... الخ (١).
بعد فرض كون كلّ منهما مشمولاً في حدّ نفسه لدليل الصدور ، لا يكون حمل الموافق للعامّة على التقية إلاّمن قبيل التصرّف في جهة الصدور بعد فرض إحراز الصدور ، ولازم ذلك هو كون كلّ منهما محكوماً بالصدور ، غايته أنّ الموافق لهم لا يكون مجرى لأصالة عدم التقية ، بل يحكم بكونه تقية ، وهذا ممّا لا يمكن الالتزام به ، لكونه كما أفاده واضح الفساد ، مضافاً إلى أنّه محقّق لشبهة صاحب الكفاية (٢) من أنّه لا معنى للحكم بالصدور على ما يحكم عليه بعد الحكم بصدوره بأنّه تقية.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٨٢ ـ ٧٨٣.
(٢) كفاية الأُصول : ٤٥٣.