هذا المقام.
قلت : لكن بقي شيء وهو أنّه ( دام ظلّه ) تقدّم (١) منه ما حاصله أنّ منشأ القول بطولية هذه المرجّحات هو أنّ كلّ مرجّح يخصّص الأصل الجاري في مرتبته في الطرف الآخر ، ومنشأ القول بالعرضية أنّ كلّ هذه المرجّحات تكون مخصّصة لأصالة الصدور.
فبناءً على ذلك نقول : إن كان بناء الشيخ قدسسره على الطولية ، وأنّ مثل مخالفة العامّة غير مخصّصة لدليل الصدور في الآخر ، بل إنّما تكون مخصّصة للأصل الجهتي فيه ، كان اللازم عليه أنّ أصالة الصدور جارية في كلّ من الخبرين ، فيكون كلّ منهما محكوماً بالصدور الفعلي مع الحكم على موافق العامّة منهما بكونه تقية ، وهذا عين ما منعه في قوله : قلت لا معنى للتعبّد الخ (٢).
وإن كان بناء الشيخ قدسسره على كون المرجّح الجهتي موجباً لتخصيص أصالة الصدور في الآخر ، كانت جميع هذه المرجّحات في عرض واحد ، لأنّ كلاً منها يكون مرجّحاً لصدور أحد المتعارضين على الآخر ومخرجاً للآخر عن تحت أصالة الصدور ، فلا يتمّ ما أفاده قدسسره من الطولية بناءً على المنشأ الذي أفاده.
نعم ، لو قلنا بأنّ هذه المرجّحات كلّها متساوية في تخصيص أصالة الصدور ، وأنّ الطولية مستفادة تعبّداً من المقبولة كما تقدّم تفصيله منه ( دام ظلّه ) ، لم يرد على الشيخ قدسسره شيء.
إلاّ أنّ الظاهر منه قدسسره في هذا المقام أنّ الطولية مقتضى القاعدة ، ولا وجه له إلاّ هذا الذي أفاده الأُستاذ ( دام ظلّه ) من كون كلّ واحد من المرجّحات مخصّصاً
__________________
(١) في الصفحة : ٢٥٨ وما بعدها.
(٢) فرائد الأُصول ٤ : ١٣٧.