مرة واحدة والثانية سنة ، لان الآية مجملة وبيانها فعله عليهالسلام.
وكذلك تدل الآية على أنه لا يجوز أن يجعل مكان المسح غسلا ولا بدل الغسل مسحا ، لان الله أوجب بظاهر الآية الغسل في الوجه واليدين وفرض المسح في الرأس والرجلين ، فمن مسح ما أمر الله بالغسل أو غسل ما أمر بالمسح لم يكن ممتثلا للامر ، لان مخالفة الامر لا تجزي في مثل هذا الموضع.
وتدل الآية أيضا على أنه يجب تولى المتطهر وضوءه بنفسه إذا كان متمكنا من ذلك ولا يجزيه سواه ، لأنه قال ( فاغسلوا ) ، أمر بأن يكونوا (١) غاسلين وماسحين والظاهر يقتضي تولي الفعل حتى يستحق التسمية ، لان من وضأه غيره لا يسمى غاسلا ولا ماسحا على الحقيقة.
ويزيد ذلك تأكيدا ما روي أن الرضا عليهالسلام رأى المأمون يتوضأ بنفسه والغلام يصب الماء عليه ، فقرأ عليهالسلام ( ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) (٢). فإذا كان هذا مكروها فينبغي أن يكون الأول محظورا.
وفي الآية أيضا دلالة على أن من مسح على العمامة أو الخفين لا يجزيه ، لان العمامة لا تسمى رأسا والخف لا يسمى رجلا ، كما لا يسمى البرقع وما يستر اليدين وجها ولا يدا.
وما روي في المسح على الخفين (٣) أخبار آحاد لا يترك لها ظاهر القرآن ، على أنه روى المخالف عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : نسخ ذلك بهذه الآية.
ولذلك قال عليهالسلام لمن شهد لمسح الخفين ( أقبل المائدة أم بعدها ) عند عمر.
فقالوا : لا ندري. فقال عليهالسلام : كان قبل المائدة (٤).
__________________
(١) في النسختين ( بأن يكون ).
(٢) سورة الكهف : ١١٠ ، والحديث في الوسائل ١ / ٣٣٦.
(٣) انظر الأحاديث في ذلك في الدر المنثور ٢ / ٢٦٢ ، احكام القرآن للجصاص ٣ / ٣٥٣.
(٤) التبيان ٣ / ٤٥٧.