إلى ضعفي عن احتمال الفوادح ، وعجزي عن الانتصار ممّن قصد لي بمحاربته ، ووحدتي في كثير ممّن ناواني ، وإرصاده لي فيما لم اُعمل فكري في الإرصاد له بمثله ، فأيّدتني بقوَّتك ، وشددت أزري بنصرك ، وصيّرته بعد جمع عديد وحده وأعليت كعبي عليه ، ووجّهت ما سدَّد إليَّ ما مكايده إليه ، فرددته ولم يشف غليله ولم يُبرّد حرارات غيوظه ، قد عضَّ على شواه ، وأدبر مولّياً قد أخلفت سراياه فلك الحمد يا ربّ من مقتدر لا يغلب ، وذي أناه لا يعجل (١) .
وكم من باغ بغاني بمكائده ، ونصب لي أشراك مصائده ، وأضبأ إضباء السّبع لطريدته ، انتظاراً لانتهاز فرصته ، وهو يظهر بشاشة الملق ، ويكشر لي سنّه ، و يبسط لي وجهه من غير طلق ، فلمّا رأيت دغل سريرته ، وقبح ما انطوى عليه بشركه ، أبطلت ما أصبح مجلباً به لي في بغيته ، وأركسته لاُمّ رأسه في زبيته وردَّيته في مهوى حفرته ، ورميته بحجره ، ورميته بمشاقصه ، وكببته لمنخره وخنقته بوتره ، ورتقته بندامته ، ورددت كيده في نحره ، فاستحلى (٢) وتضاءل بعد نخوته ، وانقمع بعد استطالته ، ذليلاً مأسوراً في ربق حبالته الّتي كان يؤمّل أن يراني فيها في يوم سطوته ، وقد كدت يا ربِّ لولا رحمتك أن يحلَّ بي ما حلَّ بساحته ، فلك الحمد يا ربِّ من مقتدر لا يغلب ، وذي أناة لا يعجل .
وكم من حاسد أشرق بحسده ، وشجي منّي بغيظه ، وسلقني بحدِّ لسانه ووخزني وجعل عرضي غرضاً لمراميه ، وقلّدني خلالاً لم تزل فيه ، فأتيتك يا ربّ متسجيراً بك ، واثقاً بسرعة إجابتك ، متوكّلاً على ما لم أزل أتعرّفه من حسن دفاعك ، عالماً أنّه لم يضطهد من أوى إلى ظلّ كفايتك ، ولم تقرع القوارع من لجأ إلى معقل الانتصار بك ، فحصّنتني من بأسه بقدرتك ، فلك الحمد يا ربّ من مقتدر لا يغلب ، وذي أناة لا يعجل .
وكم من سحائب مكروه أجليتها ، وسمآء نعمة أمطرتها ، وجداول كرامة أجريتها ، وأعين أجداث طمستها ، وناشئة رحمة نشرتها ، وجُنّة عافية ألبستها ، و
______________________
(١) راجع ج ٩٤ ص ٣٢٠ ففيه مثل هذا الدعاء مشروحاً . |
(٢) فاستخذى خ ل . |