بلائك الّذي استحققت به أن تحمد ، وعلى نعمك القديمة ، وأياديك الكثيرة الّتي لا تحصى بعدد ، ولا تكافى بعمل إلّا في سعة رحمتك ، وتتابع نعمك ، وعظيم شأنك ، وكريم صنايعك ، وحسن أياديك .
ولك الحمد يا سيّدي على نعمك السّابغة ، وحججك البالغة ، ومننك المتواترة الّتي بها دافعت عنّي مكاره الاُمور ، وآتيتني بها مواهب السُّرور ، مع تماديِّ في الغفلة وتناهيَّ في القسوة ، فلم يمنعك ذلك من فعلي أن عفوت عنّي وسترت على قبيح عملي ، وسوَّغتني ما في يديَّ من نعمتك عليَّ ، وإحسانك إليَّ وصفحت لي عن قبيح ما أفضيتُ به إليك ، وانتهكته من معاصيك .
ولك الحمد يا سيّدي على النعم الكثيرة الّتي أصبحت وأمسيت أتعرَّفها منك وأعلم أنّك وليّها ومجريها بغير حول منّي ولا قوَّة ، يا أرحم الرّاحمين .
فيا ربِّ لك الحمد على عافيتك إيّاي من ألوان البلايا الّتي أصبح وأمسى فيها كثير من عبادك ، فكم من عبد يا إلهي أمسى وأصبح سقيماً موجعاً مدنفاً في أنين وعويل ، ينقلب في غمّه لا يجد محيصاً ، ولا يسيغ طعاماً ولا شراباً ، وأنا في صحّة من البدن ، وسلامة من العيش ، كلُّ ذلك منك ، يا ربِّ فلك الحمد .
وكم من عبد أصبح وأمسى في كرب الموت ، وغصّة وحشرجة ، ونظر إلى ما تقشعرّ منه الجلود ، وتفزع لَه ، وأنا في عافية من ذلك يا ربِّ فلك الحمد .
وكم من عبدٍ أمسى وأصبح خائفاً مرعوباً مشفقاً وجلاً هارباً طريداً متحيّراً في مضيق المخابي ، قد ضاقت عليه الأرض برحبها لا يجد حيلة ولا ملجأ ولا مأوى وأنا في أمن وطمأنينة وعافية من ذلك يا ربّ فلك الحمد .
وكم من عبد أمسى وأصبح في ضنك من العيش ، وضيق المكان ، قد اُثقل حديداً من قيد أو غلّ أو مزّق جلده ، وبضع لحمه ، أو لُوِّن عليه العذاب ، أو يتوقَّع القتل صباحاً ومساء ، وأنا في راحة ورحب وسعةٍ وعافية من ذلك يا ربّ فلك الحمد .