النَّذِيرُ فعيل بمعنى الْمُنْذِرِ ، أي المخوف ، ويقال ( جاءَكُمُ النَّذِيرُ ) يعني الشيب ، قيل وليس بشيء لأن الحجة تلحق كل بالغ وإن لم يشب. والْإِنْذَارُ الإبلاغ ولا يكون إلا في التخويف ، قال تعالى : ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ ) [ ٤٠ / ١٨ ] أي خوفهم عذابه ، والفاعل مُنْذِرٌ ونَذِيرٌ ، والجمع نُذُرٌ بضمتين ، قال تعالى : ( فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ ) [ ٤ / ١٦ ] أي كيف رأيتم انتقامي منهم وإِنْذَارِي إياهم مرة بعد أخرى ، فَالنُّذُرُ جمع نَذِيرٍ وهو الْإِنْذَارُ ، والمصدر يجمع لاختلاف أجناسه. وقوله : ( هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى ) [ ٥٣ / ٥٧ ] يعني محمدا صلى الله عليه وآله. قوله : ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) [ ١٣ / ٧ ]
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله : أَنَا الْمُنْذِرُ وَعَلِيٌّ الْهَادِي ، أَمَا وَاللهِ مَا ذَهَبَتْ ـ يَعْنِي الْهِدَايَةَ ـ مِنَّا وَمَا زَالَتْ فِينَا إِلَى السَّاعَةِ (١).
قوله : ( أَأَنْذَرْتَهُمْ ) [ ٢ / ٦ ] أي أعلمتهم بما تحذرهم منه ، ولا يكون المعلم مُنْذِراً حتى يحذر بإعلامه ، فكل مُنْذِرٍ معلم ولا عكس ، يقال أَنْذَرَهُ بالأمر أعلمه وحذره وخوفه في إبلاغه ، والاسم النُّذْرَى بالضم.
وَفِي الْحَدِيثِ « لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ ».
قال بعض الأعلام : هو شامل لما إذا كان نَذْراً مطلقا نحو لله علي أن أتزوج مثلا ، ومعلقا نحو إن شفي مريضي فلله علي أن أصوم العيد. قال : وذهب المرتضى إلى بطلان النَّذْرِ المطلق طاعة كان أو معصية ، وادعى عليه الإجماع ، وقال : إن العرب لا تعرف من النَّذْرِ إلا ما كان معلقا كما قاله تغلب والكتاب والسنة وردا بلسانهم والنقل على خلاف الأصل. قال : وقد خالفه أكثر علمائنا وحكموا بانعقاد النذر المطلق كالمعلق. ثم نقل ما تمسكوا به على ذلك ورده ثم قال : وبالجملة فلا دلالة على ما ينافي مذهب السيد بوجه. إذا تقرر هذا فَالنَّذْرُ لغة الوعد وشرعا التزام
__________________
(١) البرهان ج ٢ صلى الله عليه وآله ٢٨٠.