ونُقِلَ أَنَّهُ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ (ص) فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : إِنْ كَفَرْنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ كَفَرْنَا بِسَائِرِهَا وَإِنْ آمَنَّا صَارَتْ فِيمَا يَقُولُ وَلَكِنَّا نَتَوَلَّى وَلَا نُطِيعُ عَلِيّاً فِيمَا أَمَرَ فَنَزَلَتْ ( يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها )(١).
قوله تعالى : ( النَّبِيُ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) [ ٣٣ / ٦ ] رُوِيَ عَنِ الْبَاقِرِ (ع) : « أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْإِمْرَةُ » (٢). يعني في الإمارة ، أي هو (ص) أحق بهم من أنفسهم حتى لو احتاج إلى مملوك لأحد هو محتاج إليه جاز أخذه منه.
ومنه الْحَدِيثُ : « النَّبِيُّ (ص) أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ وَكَذَا عَلِيٌّ مِنْ بَعْدِهِ ». وتفسيره أن الرجل ليست له على نفسه وَلَايَةٌ إن لم يكن له مال وليس له على عياله أمر ونهي إذا لم يجر عليهم النفقة ، والنبي (ص) وعلي (ع) ومن بعدهما لزمهم هذا ، فمن هناك صاروا أَوْلَى بهم من أنفسهم.
قوله تعالى : ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) [ ٨ / ٧٥ ] أي من المهاجرين وغيرهم ( إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً ) أي إلى أصدقائكم من المؤمنين معروفا ، وعدي الفعل بإلى لتضمنه معنى الإسداء.
قوله تعالى : ( وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) [ ٦ / ١٢٩ ] قال المفسر : الكاف في ( وَكَذلِكَ ) للتشبيه ، والمعنى أنا كما وكلنا هؤلاء الظالمين من الجن والإنس بعضهم إلى بعض وتبرأنا منهم فكذلك نكل الظالمين بعضهم إلى بعض يوم القيامة ونكل الأتباع إلى المتبوعين ليخلصوهم من العذاب. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : إِذَا رَضِيَ اللهُ عَنْ قَوْمٍ وَلَّى أَمْرَهُمْ خِيَارَهُمْ وَإِذَا سَخِطَ عَلَى قَوْمٍ وَلَّى أَمْرَهُمْ شِرَارَهُمْ (٣).
__________________
(١) البرهان ج ٢ ص ٣٧٨.
(٢) البرهان ج ٣ ص ٢٩١.
(٣) مجمع البيان ج ٢ ص ٣٦٦.