وَعِزَّتِكَ وَلَكِنْ مَا أَظُنُّ أَنَّ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ يَحْلِفُ بِكَ كَاذِباً ، قَالَ : فَبِعِزَّتِي لَأُهْبِطَنَّكَ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ لَا تَنَالُ الْعَيْشَ إِلَّا كَدّاً » فَأُهْبِطَ وَعُلِّمَ صَنْعَةَ الْحَدِيثِ [ الْحَرْثِ ] وَأَمَرَ بِالْحَرْثِ فَحَرَثَ وَسَقَى وَدَاسَ وَذَرَى وَعَجَنَ وَخَبَزَ. وسميا ذنبيهما وإن كان مغفورا لهما ظلما وقال : ( لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ ) على عادة الأولياء الصالحين.
قوله تعالى : ( لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى ) [ ٢٠ / ٥٤ ] بضم النون أي لأولى العقول والأحلام ، واحدها « نهية » بالضم ، لأن صاحبها ينتهي إليها عن القبائح ، وقيل ينتهي إلى اختياراته العقلية.
قوله تعالى : ( وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى ) [ ٥٣ / ٤٢ ] قِيلَ : مَعْنَاهُ إِذَا انْتَهَى الْكَلَامِ إِلَيْهِ فَانْتَهُوا وَتَكَلَّمُوا فِيمَا دُونَ الْعَرْشِ وَلَا تَكَلَّمُوا فِيمَا فَوْقَ الْعَرْشِ ، فَإِنَّ قَوْماً تَكَلَّمُوا فِيمَا فَوْقَ الْعَرْشِ فَتَاهَتْ عُقُولُهُمْ (١).
قوله تعالى : ( عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى ) [ ٥٣ / ١٤ ] أي الذي إليه ينتهي علم الملائكة. وَفِي الْحَدِيثِ : « إِلَيْهَا يَنْتَهِيَ عِلْمُ الْخَلَائِقِ ». وقِيلَ : يَنْتَهِي إِلَيْهَا مَا يَأْتِي مِنْ فَوْقُ وَمَا يَصْعَدُ مِنْ تَحْتُ ، وَالنَّهْرَانِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ يُخْرَجَانِ مِنْ أَصْلُهَا ثُمَّ يُسَيَّرَانِ حَيْثُ أَرَادَ اللهُ ثُمَّ يُخْرَجَانِ مِنَ الْأَرْضِ. و « سدرة الْمُنْتَهَى » على ما ذكره الشيخ أبو علي شجرة نبق عن يمين العرش فوق السماء السابعة ثمرها كقلال هجر وورقها كآذان الفيول يسير الراكب في ظلها سبعين عاما.
والْمُنْتَهَى : موضع الِانْتِهَاءِ لم يجاوزها أحد وإليه يَنْتَهِي علم الملائكة وغيرهم ، لا يعلم أحد ما وراءها. وقيل يَنْتَهِي إليه أرواح الشهداء. وقيل : هي شجرة طوبى كأنها في منتهى الجنة ، ( عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى ) ، وهي جنة الخلد يصير إليها المتقون.
__________________
(١) هذا التفسير مأخوذ من أحاديث مذكورة في الكافي ج ١ ص ٩٢.