الشيخان عن رأيكما ، فإن الآن أعظم أمركما العار من قبل أن يجتمع العار والنار ، والسلام » (١).
وهذه هي الحقيقة المؤلمة ، وهذه هي نهاية الزبير ، ومهما يحاول بعض المؤرّخين إقناعنا بأنّه تذكّر حديث النبيّ الذي ذكره به علي فتاب واعتزل القتال ، وخرج إلى وادي السباع فقتله ابن جرموز ، فهذا لا يستقيم مع نبوءة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي قال له : « ستقاتل عليّاً وأنت له ظالم ».
ويقول بعض المؤرّخين بأنّه أراد الاعتزال عندما ذكره الإمام علي بالحديث ، ولكن ابنه عبد الله عيّره بالجبن ، فأخذته الحمية فرجع يقاتل حتى قتل.
وهذا أقرب للواقع وللحديث الشريف الذي فيه إخبار بالغيب من الذي لا ينطق عن الهوى.
ثمّ لو كان فعلا ندم وتاب ورجع عن غيّه وظلمه ، فلماذا لم يعمل بقول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، وأخذل من خذله »؟
فلماذا لم ينصر علياً ولم يواله ولم يسترضه؟ وهب أنّ ذلك لا يمكنه فعله ، فهلاّ ركب في الناس الذين جاء بهم للحرب ، وأخبرهم بأنّه استبصر إلى الحقّ وتذكّر ما كان ناسياً ، وطلب منهم أنْ يكفّوا عن الحرب ، فيحقن بذلك دماء الأبرياء من المسلمين؟
لكن شيئاً من ذلك لم يقع ، فعرفنا بأنّ أُسطورة التوبة والاعتزال هي من
__________________
١ ـ نهج البلاغة شرح محمّد عبده ٣ : ١١١.